أنواعُ الصوم

القوت اليومي

أنواعُ الصوم

 

 

 

 

 

 

 

جميلٌ هو الصومُ النقيُّ في عيني الرّب. كَنزٌ في السماءِ و هو سلاحٌ ماضٍ بوجهِ الشرّ، وَدرعٌ ضدَّ سهامِ العدوّ. لا أقولُ هذا من تلقاءِ نفسي، بل الأسفارُ المقدَّسةُ سبقت و علّمتنا في كلّ زمانٍ أنّ الصومَ عضدٌ لِمن يصومونَ في الحقِّ.

 

أيّها الصَديقُ الحبيب، لا يقومُ الصومُ على الإمتناعِ عن تناولِ الخبزِ و الماء، بل له مُقوِّماتٌ وافرةٌ : منهم من يصومُ عن الخبزِ و الماءِ حتى يجوعَ و يعطش، و منهم من يصومُ بُغيَةَ الحفاظ على البتوليّة. إن جاع فلا يأكُل ، و إن عطِشَ فلا يشرب.

 

هذا الصومُ هو في غايةِ الجودة. و منهم من يصومُ بالقداسةِ، و هذا أيضاً صومٌ سليم. بعضُهم يصومُ عن اللحمِ و الخمرِ و انواعِ المأكل، و بعضهم يصومُ إذ يَضَعُ لِفَمِهِ حاجزاً فلا يتفوّهُ بسيّءِ الكلام. منهم من يصومُ عن الغضبِ ضابطاً نفسَهُ لئلاّ تقوى عليه، و منهم من يصومُ عن القنيةِ لئلاّ تستَنيمُ لها نفسُه.

 

هناك من يصومُ عن أنواعِ المتطلّبات، ليَظلّ يقظاً في الصلاة، وهناك من يصومُ عن رغباتِ هذا العالم، لئلاّ ينتصرُ الشرّيرُ عليه. منهم من يصومُ طلباً للتقشُّف والتماساً لرضى ربّهِ عليه؛ و أخيراً بعضُهُم يصومُ عن جميعِ هذه التي ذكرنا صائغاً منها صوماً واحدا...

 

و من  فقدَ نقاوةَ القلبِ ، فصومُهُ غيرُ مقبول. تذكّر، أيُّها الحبيب، كم هي غنيّةٌ رغبةُ الإنسان الذي يُنقّي قلبَهُ و يحفظُ لسانهُ ، و يمنعُ يديهِ من فعلِ الإثم، كما سبقَ و كتبتُ لكَ.

 

لا يليقُ بالإنسانِ أن يمزُجَ العسَلَ بالمرارة. إذا صام عن الخبزِ و الماء، فلا ينبغي أن يمزُجَ بصومِهِ التجاديفَ و اللعنات. واحدٌ هو بابُ بيتِكَ، وبيتُكَ هو هيكَلُ الله.

 

عندما يصومُ الإنسانُ عن السيّئات، و يأخُذُ جسدَ المسيح و دمَهُ، عليه أن يحافِظَ بكلِّ عنايَةٍ على فمهِ الذي بهِ يَدخُلُ ابنُ الملك.

 

لا يحقُّ لَكَ أن تُخرِجَ من فمِكَ الكلمات المشينة. إسمع ما يقولُهُ واهِبُ الحياة :" ليسَ ما يَدخُلُ الفمَ يُنَجِّسُ الإنسان، بل ما يَخرُجُ من الفَمِ هو الذي يُنَجِّسُ الإنسان". (متى15/11).

 

 

 

(البيان الثالث، في الصوم، 1-2)

 

قراءةٌ من أفراهاتَ الحكيمِ الفارسيّ (+345)