أنطونيوس يدعو إلى التفتيش عن الكنوز الخالدة

القوت اليومي

أنطونيوس يدعو إلى التفتيش عن الكنوز الخالدة

 

 

يا أبنائي الأحبّاء.

      

 

أذكروا أوَّلًا أنَّ حياةَ الإنسانِ على هذهِ الأرضِ ظِلٌّ عابِر. فهيَ قصيرَةُ الأمد، سريعَة الزّوال، مهما طالتْ أيّامُها وثقلت وطأتُها. وها أنا الذي أدلـُـفُ أمامَكُم إلى السَّبعين، بِما مَرَّ على رأسي مِن بلايا وكوارِث، أشعُرُ بأنّي خرجتُ قريبًا مِن قريَتي كُومَا.

 

وسأنتقِلُ قريبًا إلى وطني الخالِد. وما أخلقني بأنْ أرنّـِمَ - بلْ بأنْ نُرنّـِمَ جميعًا - مع صاحِبِ المزامير: "أفنينا سنينا كالوهم! أيّامُنا في مُعظمِها سَبعون سنةً... وإذا طالتْ فثمانون. أمَّا رغدُها فضرَرٌ. وأمّا فرحُها فباطِل. وها هيَ مرَّت بنا سِراعًا كالطير!" (مز 89/9-10).

      

 

فمهما طالت، ومهما كثرت فيها علينا التّجارِبُ والآلام، فهيَ لا تُوازي المَجدَ الذي سيتجلّى فينا، على ما ذكرتُ لكُم مِنْ قولِ بولس الرّسول.

      

 

ولهذا فإنَّ ما يترُكُهُ الواحِدُ مِنّا في سبيلِ الله: مِن أهلٍ وأنسباء، مِنْ مالٍ وجاه، مِن لذائِذ وأمجاد، لا تُحسَبُ شيئًا في ما سينال، بعد أيّامٍ معدودات، من غِبطةِ الأبديَّةِ في حضرَةِ الله.

 

فلنَحرَصْ إذًا، بدلَ كنوزِ الأرضِ البالية، على تحصيلِ الصّفاتِ التي تؤهّلنا لنيلِ الكنوزِ الخالدة: ألحِكمَة، والبصيرة، والقناعَة، والعدل، والمحبّة الشّاملة، مع رُسوخِ الإيمانِ بالمسيح الفائقِ كُلَّ شيء.

 

من كتابِ "كوكب البرِّيَّة" ، لفؤاد أفرام البستانيّ