ألوِحدَة ُ في المعموديَّة

القوت اليومي

ألوِحدَة ُ في المعموديَّة

 

 

ألوِحدَةُ في المعموديَّة

 

 

 

 

يقولُ الطوباويّ بولس: "رَبٌّ واحِدٌ. إيمانٌ واحدٌ. مَعموديَّة ٌ واحِدة ٌ. جَسَدٌ واحِدٌ وروحٌ واحِد. إلهٌ واحِدٌ وآبُ الجَميعِ وبالجَميعِ وفي جَميعِنا" (أفسس 4/4-6)... يُعلّمُنا بولسُ أنَّ السيادَة واحِدةٌ والألوهِيَّةَ واحِدة، والجَوهَرَ واحدٌ بغيرِ جِسمٍ ولا حَدّ، للآبِ والابنِ والروحِ القُدُس.

 

وهوَ يَمنحُنا بالعِمادِ ذخيرة البَنين، وبهِ نؤمِنُ ونَعتَمِدُ فنُصبِحُ جَميعُنا جَسَداً واحِدا، بِعَمَلِ الروحِ القُدُس، يعمَلـُهُ فينا بالمَعموديَّة، لأنّنا فيها نُصبِحُ أبناءَ اللهِ وَجَسَداً واحِداً لِرَبِّنا المَسيح، الذي نَدعوهُ رأسَنا، لأنّهُ صارَ مِنْ طبيعَتِنا، وهوَ البِكرُ قامَ مِنْ بينِ الأموات، وبهِ صِرنا شُرَكاءَ في هذه الخَيرات، وباسمِ الآبِ والابنِ والروحِ القُدُسِ نِلنا كُلَّ خير.

      

فلو كان القدّيسُ بولسُ يعتَقِدُ أنَّ طبيعَة الثلاثةِ مُختلفة، لما قال إنَّ الإيمان بالآبِ والابنِ والروحِ القُدُسِ واحد. ولو كان يَعلمُ أنَّ مَشيئتَهُم وَقُدرتَهُم وعَمَلهُم مُختلِف، لِما قالَ إنَّ العِمادَ باسمِ الآبِ والابنِ والروحِ القُدُسِ واحِد. والمَعروفُ أنَّ الإيمان واحِد، لأنَّ الجَوهَرَ الذي بهِ نؤمِنُ واحدٌ هُوَ، والمَعموديَّة أيضاً واحدة، لأنَّ مشيئة الذين نَدعوهُم واحدة، وكذلك قُدرَتُهُم وعَمَلهُم واحد.

 

وبها نولدُ مِنْ جديدٍ ونُصبِحُ جَسَداً واحداً للمَسيح. ولهذا نَدعو رَبَّنا المَسيحَ رأسنا في الجَسد، لأنّهُ أخذ مِنّا، وهوَ البِكرُ القائِمُ من بين الأموات، وحَقـَّقَ لنا بذلك الشركة في القيامة، التي منها ننتَظِرُ أنْ يُصْبِحَ جَسَدُنا شَبيهاً بِجَسَدِهِ: "أمّا نحنُ فسيرتُنا في السماواتِ التي منها نَنتَظِرُ المُخلّصَ الرَّبَّ يسوع المَسيح، الذي سَيُغيِّرُ جَسَدَ تواضُعِنا ليَكون على صورَةِ جسَدِ مَجدِه" (فيلبي 3 /20-21).

 

 

 

 

 

(العظة الثالثة عن العماد،21).

 

تِوُدُورُوسَ المُبْسُوِسْطِي (+ 428).