ألماءُ والروحُ في العماد

القوت اليومي

ألماءُ والروحُ في العماد

 

 

 

 

 

ألماءُ والروحُ في العماد

 

 

إليكَ في مُنتهى الوضوحِ موضوعَ بحثِنا: لماذا يُضَمُّ الماءُ إلى الرّوحِ القُدُس؟ لأنَّ المَعموديَّة تَرمي إلى غايَةٍ مُزدَوِجة: محوِ جَسَدِ الخَطيئةِ فلا تَعودُ تُثمِرُ المَوت، والحياةِ بالرّوحِ القُدُسِ فتُثمِرُ ثمارَ القداسَة.

 

يُمَثـِّلُ الماءُ صورَة المَوتِ بِقبولِهِ الجَسَد، كما لو كان الجَسَدُ في قبر؛ وينفُثُ الروحُ القُدُسُ قوَّةً مُحييةً بِتَجديدهِ النفس، ناقِلاً إيّاها مِنْ حالةِ المَوتِ في الخَطيئةِ إلى الحالةِ الأصليَّة، أي صداقةِ اللهِ الحَميمَة.

 

فهيَ الوِلادة ُ منْ فوق، أي مِن الماءِ والرّوح: نَموتُ في الماء، ولكِنَّ الروحَ يُنشِئُ فينا الحياة. بثلاثِ غَطساتٍ وثلاثةِ ابتِهالات، يتِمُّ سِرُّ العِمادِ العَظيم، كي يَرمُزَ إلى المَوتِ ويُنيرَ نفسَ المُعَمَّدين فهْمُ عِلمِ الله.

 

فإذا كان في الماءِ نعمَة. فلا تأتي مِنْ طَبيعَةِ الماء، بلْ مِنْ حُضورِ الرّوحِ القُدُس. وليسَتِ المَعموديَّةُ إزالة ً لِقذارةِ الجَسَد، بلْ طلباً مَرفوعاً إلى اللهِ بِضميرٍ صالِح. ولكي يُهَيِّئنا الرَّبُّ لحياةِ القيامة، يَعْرِضُ علينا نوع َ حياةٍ إنجيليَّة، ويَفرِضُ علينا أن نكون وُدَعاءَ مُسلِسين، وأنْ نَحفظَ أنفُسَنا أنقياءَ من تَملّقِ الشَهوَة، وأن تكون حياتُنا مُتَجرِّدَةً عنِ الغِنى. فنُحقـِّقَ منذ الآن، بإرادةٍ عامِدة، ما ستَمْلِكُهُ الحياة ُ المُقبِلةُ طَبعاً.

 

 

(كتاب الروح القدس، 15).

 

القدّيس باسيليوس الكبير (+379).