ألصَّليبُ يَنْبوعُ الحَياة

القوت اليومي

ألصَّليبُ يَنْبوعُ الحَياة

 

 

 

 

 

 

 وإذا عَلَّقوا على الصَّليبِ الجَسَدَ المُحْتَويَ كُنوزَ حَياةِ الأُمَم، إتَّجَهَ بِنَظَرِهِ نَحْوَ أرْضِ الأمَمِ التي قَبِلَت هذِهِ الكُنوز. أليَدانِ اللَّتانِ سُمِّرَتا هُما خلّصَتانا مِنْ قُيودِ المَوْت، هُما اللَّتانِ حَلَّتا قُيودَنا وَقيَّدَتا مُقيِّدينا. إنَّهُ لَمُدْهِشٌ أنْ يَقتُلَ أمواتٌ حَيًّا، وأنْ تُقيمَ ضَحيَّةٌ أمْواتاً !

       

 إنَّهُ هُوَ نَفسُهُ المَيتُ خَطِفهُ المَوْتُ وَرَفعَهُ وَوَضَعَهُ في القبر، وَقدْ قامَ وَنَقضَ عَرينَ عُبودِيَّتِه، رَقدَ وَنَهَضَ فخَطِفَ خاطِفَهُ. هُوذا الصَّليبُ يصْلِبُ مَنْ صَلبوا رَبَّنا، وَهُوذا السَّجينُ يَسوقُ الى السَّجنِ مَنْ ساقوهُ إليه.

       

 إنَّ الصَّليبَ أصْبَحَ يَنْبوعَ حَياةٍ لِحَياتِنا المائِتَة، والذينَ يَشْرَبونَ مِنْ هذا اليَنْبوع، يَأتونَ بالثِّمارِ الشَّبيهَةِ بِهِ. وقدْ يَكونُ على غيرِ قصْدٍ أنَّ المَوْتَ اسْتَخْدَمَ جَسَدَ المَسيحِ نَفسَهُ، لِيَذوقَ وَيَفتَرِسَ الحَياةَ المَخْبوءَةَ في جَسَدِهِ المائِت. وَبِلَهْفةِ الجائِعِ ابْتَلَعَهُ، وَلكنْ سُرْعانَ ما أُكْرِهَ على إرْجاعِهِ. وكما أنَّهُ بِخَشَبَةِ الشَّجَرَةِ رَكَمَ الإنْسانُ على نَفسِهِ دُيوناً، كذلكَ بِخَشَبَةِ الصَّليبِ جاءَ الرَّبُّ فأوْفى الدُّيون.

 

 

(الدياتسَّرون، 20/32)

 

مارِ أفرامَ السُّريانيّ (+373)