ألصلاةُ في حياةِ خوري آرس

القوت اليومي

ألصلاةُ في حياةِ خوري آرس

 

 

 

 

 

ألصلاةُ في حياةِ خوري آرس

 

إلى كهنةِ عَصرِنا الذين باتوا يتحسَّسُون أكثرَ فأكثرَ أثرَ العَمَل، حتّى أصبَحَتْ تجربَتُهُمُ السهلةُ خطرَ الإفراطِ فيه، يَنصُبُ خوري آرس مِثالاً حَيّاً لِلصلاةِ الدائِمة، في إطارِ حياةٍ تَكَرَّسَتْ بِجُملتِها لِخِدمَةِ النفوس. يقولُ خوري آرس: "إنَّ ما يَمنَعُنا، نحنُ الكهنة، أن نكون قِدِّيسين، هوَ نقصٌ في التَفكير. نحنُ لا نَغوصُ إلى داخِلنا. لا نَدري ماذا نعمَل. إنَّ ما يُعْوِزُنا إنَّما هُوَ التّفكيرُ والصَلاةُ والاتّحادُ بالله". يَشهَدُ مُعاصِرو خوري آرس على أنّهُ كان في حالةِ صلاةٍ دائِمة، لا تُلهيهِ عنها الأوقاتُ الطويلةُ المُضنيَةُ التي كان يُنفقُها في مِنبَرِ الاعتراف. 

 

ولا أيَّة ُ مَهامٍّ رَعائِيَّةٍ أخرى: "كان يُحافِظ ُ على اتِّحادِهِ الحَميمِ الدائِم بالله، في قلبِ حياتِهِ الملأى بِشَتّى المَشاغِلِ والمَهام". إنَّهُ لأشبَهُ بيَنبوعٍ لا يَنضُب، حين يتكلّمُ عن أفراحِ الصلاة ومَحاسِنِها: "ألإنسانُ فقيرٌ يَحتاجُ أنْ يَطلـُبَ مِن اللهِ كُلَّ شيء... كَمْ مِن النفوسِ يُمكِنُنا أنْ نَرُدَّ إلى اللهِ بصلواتِنا... الصلاةُ هِيَ سعادَةُ الإنسانِ كُلّها على الأرض... أنْ يُحِبَّنا الله، أنْ نكون مُتَّحِدين بالله، أنْ نَعيشَ في حَضرَةِ الله، أجْمِلْ بها مِنْ حياة!".

      

نُوَدُّ لو يَقتَنِعُ جَميعُ الكهنة، بشهادَةِ القدّيسِ خوري آرس، أنَّ مِنَ الضروريِّ أنْ يكونوا رِجال صلاة، وأنَّهُم يَسَعُهُمْ أنْ يكونوا كذلك، مهما كثرَتْ وَضَغَطتْهُمْ أعمالُ خِدمَتِهِم. ولا يكونُ هذا إلّا بإيمانٍ حَيٍّ كإيمانِ خوري آرس.

      

فمعَ البابا القدِّيس بيّوسَ العاشر، "نَعتَبِرُ مِن المؤكَّدِ والثابتِ أنَّ على الكاهن، حِفظاً لِشرفِ مقامِهِ، وقياماً بواجِبِه، أنْ يتفرَّغ َ للصلاةِ قبلَ كُلِّ شيء". عليهِ، أكثرَ مِن أيِّ سِواهُ، أن يرعى وَصيَّة المَسيح: "ينبغي لكُم أنْ تُصلّوا كُلَّ حينٍ ولا تَمَلّوا". وَمَشورَةَ القدِّيس بولس: "واظِبوا على الصلاة واسهَروا فيها بالشُكرْ... ولا تَزالوا مُصلّين".

      

كانتْ صلاةُ خوري آرس، وقد صَرَفَ الثلاثين الأخيرَة مِنْ سِنيهِ في كنيسَتهِ يَحبِسُهُ جُمهورٌ غفيرٌ من التائبين، صلاةً إفخارستيّة. وعبادتُهُ لِلسَّيِّدِ المَسيحِ في القربانِ الأقدَسِ لا تَحصُرُها العادة. كان يقول: "إنّهُ هاهُنا، في بيتِ القُربان، ذلك الذي يُحِبُّنا كثيرا. فلماذا لا نُحبُّهُ نحنُ كثيرا؟ ليسَ مِن اللازِمِ أنْ نتكلّمَ كثيراً لكي نُجيدَ الصلاة. نعرفُ أنَّ الربَّ الطيِّبَ هوَ ها هُنا في بيتِ القربان الأقدس: نفتَحُ لهُ قلوبَنا. ننعَمُ بِحَضرَتِهِ. تلك أجمَلُ صلاة !".

 

 

(الذكرى المئوية لموت القديس خوري آرس، 7 آب 1959)

 

من البابا يوحنّا الثالث والعِشرين (+1963).