ألسَّلامُ قيمَة ٌ مَسيحيَّة

القوت اليومي

ألسَّلامُ قيمَة ٌ مَسيحيَّة

 

 

 

 

 

 

لقدْ لحَظتُم، أيُّها الإخْوَةُ المُحْتَرَمون والأبناءُ الأعِزَّاء، كمْ يُرَدِّدُ لِسانُنا مِن اعْتِباراتٍ وَتَحريضاتٍ في مَوضوع السَّلام. ولسْنا نفعلُ ذلكَ انسياقاً معَ عادَةٍ أضْحَتْ سَهلة، أوْ رَغبَة ً في طَرْقِ مَوضُوعٍ هوَ حَديث اليَوم. إنّما نفعَلُ ذلك لأنّا نَرى فيهِ واجِباً تَقتَضيهِ رِسالتُنا الرَّعَويَّة ُ الشامِلة، ولأنّا نرى السَّلامَ مُهَدَّداً بِشَكْلٍ خَطير، يُنذِرُ بِأحْداثٍ هائِلةٍ يُمْكِنُ أنْ تَقضي على شعوبٍ بِرُمَّتِها، وَلرُبَّما على جُزءٍ كبيرٍ مِن البَشَريَّة، وَلِأنَّ هذِهِ السِّنين الأخيرةَ مِنْ تاريخِ هذا القرن، أظهَرَتْ بِصورَةٍ غايَةٍ في الوضوحِ أنَّ السَّلامَ إنّما هُوَ السَّبيلُ الصَّحيحُ والأوْحَدُ إلى رُقِيِّ الإنْسان. وَنَفْعَلُ ذلك،  لأنَّ السَّلامَ هُوَ مِنْ ميزاتِ الدِّينِ المَسيحيّ، ولأنَّ المُناداةُ بِالسَلام إنّما هِي، في نَظَرِ المَسيحيّ، المُناداةُ بالمَسيح: "إنّهُ سَلامُنا" (أفسس 2/14) وإنجيله "إنجيلُ السَّلام" (أفسس 6/15).

 

قد أتَمَّ المُصالحَة العَامَّة بِبَذلِ ذاتِهِ على الصَّليب ؛ ونَحْنُ تَلاميذهُ مَدعُوُّون إلى أنْ نكون "فاعِلي سَلام" (متى 5/9). وإنّما مِن الإنجيل، ومِنْهُ وَحْدَه، في النّهايَة، يَنْبَعُ بِالفِعْلِ السَلام، لا لِيَكْسُوَ النّاسَ ضُعفاً وَخُنوعا، بَلْ لِيَحِلَّ في نُفوسِهم مَحَلَّ نَزَواتِ العُنْفِ والإرهابِ فضائِلُ رُجولةِ العَقلِ والقلبِ التي تَمْتازُ بِها إنسانِيَّة ٌ حَقّة.

 

وإنّا لنفعَلُ ذلك أخيراً لأنّا نأبَى أنْ يُبَكّتَنا الرَّبُّ والتاريخُ يوماً على سُكوتِنا إزاءَ خطرِ انْدِلاعِ حَرْبٍ شامِلةٍ بين الشُعوب، حَرْبٍ يَعْرِفُ كُلٌّ مِنّا أنّها قدْ تَتَرَدَّى أشْكالاً لا نتصَوَّرُها مِن الرُّعْبِ الكَونيّ.