ألحُبُّ الأكبَرُ هُوَ التواضُعُ الأكبر

القوت اليومي

ألحُبُّ الأكبَرُ هُوَ التواضُعُ الأكبر

 

 

 

 

يا نبعَ الحياةِ الذي شَرِبَ منهُ المائِتون فحَيُوا

تدفـَّقْ عليّ، رَوَّ ظَمَإي مِن يَنبوعِكَ.

أيُّها السَّقيُ الذي اندَفقَ على الأرضِ العَطشى فأثمَرَتْ،

هَبْ لي أنْ أشرَبَ مِنكَ فأهتِفَ وأعلِن كمْ أنتَ عذْبٌ.

 

أيَّتُها البئرُ الجَديدةُ التي احتفرَها الرُّمحُ على الجُلجُلة،

هُبَّ و اسْقِ ضَميري الفقيرَ إلى يَنبوعِكَ.

يا ابن الله، يا مَنْ دَعَوتَ نفسَكَ بالماء الحَيّ،

هَبْ لي أن أشربَ وأرتويَ مِنكَ فأحدِّثَ عنكَ.

 

أيّتُها السَّاقية ُ التي تدفّقتْ مِنْ ذ ُرْوَةِ العُلى إلى الأرض،

هَبْ لِعَقلي بِسَقيكَ أنْ يَجنيَ ثِمارَ المَجْدِ لأبيكَ.

أعْطِني أنْ أُحدِّثَ عَنكَ، لا لِأحُدَّكَ، يا مَنْ لا حَدَّ لَكَ،

بل لِأُبشِّرَ سامِعي بأنّكَ لا تُدْرَك.

 

و مَنْ يُدرِكُكَ ليُحَدِّثَ عنكَ يا ربَّنا ، كما أنتَ،

سوى الحُبِّ الذي تسمو قصّتُهُ على المحَدِّثين؟

بقدرِ ما يُفسَحُ للحُبِّ، هو يُحدّثُ عن ظهورِكَ،

هَبْ لي كلاماً يَصِفُ جمال اتّضاعِك.

 

مِن المركبَةِ إلى جحْشٍ وضيعٍ ابنِ أتان،

أنزلَكَ حُبُّكَ، فمَنْ لهُ بأنْ يَحْكي حكايَتَك؟

بَدَلَ جوقِ الكَروبين لا يُستقصى

طافَتْ بِكَ رَكوبَة ٌ وضيعَة ٌ في أرضِنا، فكيف أُوَفّيكَ؟

 

مِن بينِ عَجَلاتِ اللّهيبِ و الوُجوهِ والأجنحة،

حمَلتْكَ مَراحِمُكَ، فإذا بابنِ أتانٍ يَطوفُ بِكَ.

مِنْ عَظَمَةِ العَرْشِ يَغمُرُهُ النّور،

إلى الصِّغَرِ ساذجِ الحُبِّ مع الأولاد.

 

مِنْ بَينِ الصُّفوفِ وأجواقِ اللّهَب،

إلى جَمْعٍ صَغيرٍ حامِلٍ الأغصان في شوارعِ صِهْيون.

فكيفَ يُحدِّثُ بِقِصَّتِكَ مُحَدِّث؟

و في أيِّ مَكانٍ يُحَدِّث ُ عنك الفمُ إن حَدَّث؟

هُوَذا  ضياؤكَ على المركَبَةِ يَبْهَرُ السَّماويِّين،

و بين الأرضيِّين يَحمِلُكَ جَحْشٌ وَضيعٌ حَقير.

إنّكَ مُبارَكٌ في ضجيجِ العَجلاتِ النّاطِقة،

و مُمجَّدٌ بأغصانِ النّخلِ في الجَماهير.

 

إنّكَ فوقُ وتحتُ، في العَظمَةِ و في الصِّغَر،

في العُلى و العُمْق ؛ فمن يُوَفّيكَ وَصْفاً؟  

 

                                    

(نشيد أحد الشّعانين)

 

 

مار يعقوبَ السَروجيّ (+521)