أقوى من العنف

القوت اليومي

أقوى من العنف

 

 

 

 

 

إن يسوع أيضًا قد عاش في أوقات عنف. لقد علّم أن حقل المعركة الحقيقي، حيث يتواجه العنف والسلام، هو القلب البشري: "لأَنَّهُ مِن باطِنِ النَّاس، مِن قُلوبِهم، تَنبَعِثُ المَقاصِدُ السَّيِّئةُ" (مر ٧، ٢١).

 

لكن رسالة المسيح، إزاء هذا الواقع، تقدّم الجواب الإيجابي الجذري: لقد بشّر بلا كلل بالمحبّة غير المشروطة لله الذي يقبل ويسامح، وعلّم تلاميذه محبة الأعداء (متى ٥، ٤٤) وأن يعرضوا الخدَّ الآخر (متى ٥، ٣٩). عندما منع الذين كانوا يتّهمون الزانية من رجمها (يو ٨، ١- ١١) وعندما، وفي الليلة قبل موته، قال لبطرس أن يُغمِد سيفه (متى ٢٦، ٥٢)، لقد رسم يسوع درب اللاعنف الذي سلكه حتى النهاية، حتى الصليب، ومن خلال هذا الدرب حقق السلام ودمّر العداوة (را. أف ٢، ١٤- ١٦).

 

لذا، فالذي يقبل بشرى يسوع السارة، يعرف كيف يميّز العنف الذي يحمله في داخله ويسمح لرحمة الله بأن تشفيه فيصبح هكذا بدوره أداة مصالحة، بحسب إرشاد القديس فرنسيس الأسيزي: "ليكن السلام الذي تعلنوه بالفم أكثر وفرة في قلوبكم".

 

أن نكون تلاميذ حقيقيين ليسوع اليوم يعني أن نتّبع أيضًا اقتراحه للاعنف. فهو -كما أكّد سلفي بندكتس السادس عشر- "واقعي، لأنه يأخذ بعين الاعتبار أن في العالم الكثير من العنف، والكثير من الظلم، وبالتالي لا يمكننا تخطي هذا الوضع إلا من خلال مقابلته بمحبّة أكبر وصلاح أكبر.

 

هذا الـ "أكبر" يأتي من الله" ويضيف بقوة أكبر: "إن اللاعنف بالنسبة للمسيحيين ليس مجرّد تصرّف استراتيجي، وإنما هو أسلوب عيش للشخص وموقف من هو مقتنع بمحبّة الله وبقوّته، ولا يخاف من مواجهة الشر بواسطة أسلحة المحبة والحقيقة فقط.

 

تشكل محبة العدو نواة "الثورة المسيحيّة". ولذلك يُعتبر إنجيل "أحبوا أعداءكم" (را. لو ٦، ٢٧)  "الشرعة العظمى للاعنف المسيحي": فهي لا تقوم على "الاستسلام للشر... وإنما على الإجابة على الشرّ بالخير (را. روم ١٢، ١٧- ٢١)، فنكسر بهذا الشكل سلاسل الظلم".  

 

 

 

 

 

من رسالة البابا فرنسيس لليوم العالمي للسلام 2017