إنجيل اليوم (لو10/ 21-24)
21 وفي تلك السّاعة ابتهج يسوع بالرّوح القدس، فقال: "أعترف لك، يا أبتِ، ربّ السّماء والأرض، لأنّك أخفيت هذه الأمور عن الحكماء والفهماء،
وأظهرتها للأطفال. نعم، أيّها الآب، لأنّك هكذا ارتضيت.
22 لقد سلّمني أبي كلّ شيءٍ، فما من أحدٍ يعرف من هو الابن إلاّ الآب، ولا من هو الآب إلاّ الابن، ومن يريد الابن أن يظهره له".
23 ثمّ التفت إلى تلاميذه، وقال لهم على انفراد: "طوبى للعيون الّتي تنظر ما أنتم تنظرون!
24 فإنّي أقول لكم: إنّ أنبياء وملوكًا كثيرين أرادوا أن يروا ما أنتم تنظرون، فلم يروا، أن يسمعوا ما تسمعون، فلم يسمعوا".
أوّلاً قراءتي للنصّ
الآية (21)
ابتهج يسوع بالروح القدس، وأنشد نشيد الابتهاج أمام تلاميذه الذين ارتضى الله الآب، ربّ السماء والأرض، أن يظهر لهم سرّه، وهم الأطفال البسطاء، بينما لم يظهره للحكماء والفهماء، وهم الفرّيسيّون وعلماء اليهود، بل أبقى ما يختصّ به وبيسوع ابنه المتجسّد لأجل خلاصنا خفيًّا عليهم.
الآية (22)
نصّ الآيتين (21-22) في لوقا، وفي متّى ( 11: 25-27) نصّ فريد، ويدعى "المقطع اليوحنّويّ" الوحيد في الأناجيل الإزائيّة؛ يتّفق لوقا في الآية (22) مع يوحنّا في ثلاثة: الآب سلّم يسوع كلّ شيء؛ استعمال كلمة "الابن" في المطلق ليسوع؛ المعرفة المتبادلة بين الاب والابن.
الآيتان (23- 24)
يعطي يسوع الطوبى لتلاميذه، لأنّهم حصلوا على ما اشتهى أنبياء وملوك وأبرار (متّى13: 17)، وحتّى الملائكة (1 بط1: 12) الحصول عليه، ولم يحصلوا؛ ويمكن أن نضيف بأنّ ما حصل عليه التلاميذ، ما رأوه بأعينهم، وسمعوه بآذانهم، إنّما هو الموضوع الذي تاق ويتوق إليه الإنسان في أعماقه وتتلمّسه البشريّة في ما تحقّقه في مجال الثقافة والحضارة؛ وهكذا، يدعوهم إلى مشاركته في الابتهاج الذي سيملأ قلبهم بمقدار وعيهم للصلة القائمة بينهم وبينه، وبالتالي بين الآب، والواجب إقامتها بين بعضهم بعضًا.
ثانيًا "قراءة رعائيّة"
على أهل هذا العالم أن يصيروا "أطفالاً" لكي يتمكّنوا من إدراك علامات مجيء الملكوت وفهمها؛ هذا ما ارتضاه الله الآب: لأنّ صغار هذا العالم ليس لديهم ما يحول دون حلول حكمة الله فيهم، بعكس حكماء هذا العالم، فإنّ حكمتهم البشريّة تحول دون حلول حكمة الله فيهم.
ابتهج يسوع بالروح القدس عندما استحضر حكمة الله هذه، ودعانا إلى رؤيتها في رضى الله الآب أن يسلّمه، هو الابن الوحيد، كلّ شيء، وفي كونهما معًا، في علاقة فريدة وحميمة، قائمة فعلاً بينهما، ومعروفة منهما معرفة متبادلة، ومعروضة من قبل الابن على صغار هذا العالم (الرسل والتلاميذ)، لكي ينعموا بمعرفتها، وتكون لهم عندئذ الطوبى على مقدار هذه المعرفة.
الأب توما مهنّا