خميس أسبوع زيارة العذراء لاليصايات

الإنجيل

خميس أسبوع زيارة العذراء لاليصايات

 

 

إنجيل اليوم (يو4/ 39-42)

 

39 فآمن بيسوع سامريّون كثيرون من أهل تلك المدينة، من أجل كلام المرأة الّتي كانت تشهد: "إنّه قال لي  كلّ ما فعلت".

 

40 فلمّا جاء السّامريّون إليه، سألوه أن يقيم عندهم، فأقام يومين.

 

41 وآمن عددٌ أكثر من أجل كلمته.

 

42 وكانوا يقولون للمرأة: "ما عدنا من أجل كلامك نؤمن، فنحن قد سمعناه، ونعلم أنّ هذا هو حقًّا مخلّص العالم".

 

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 

   يختم نصّ إنجيل هذا اليوم الآيات في (يو4: 5-29) التي يصف فيها يوحنّا الإنجيليّ الحوار الذي جرى بين يسوع والسامريّة عند نبع يعقوب؛ دعت السامريّة يسوع تدريجيًّا في هذا الحوار: يهوديّ (9)، سيّد (11و15)، ونبيّ (19)؛ ودعت أهل مدينتها سوخار، في السامرة، قائلة لهم: "تعالوا وانظروا إنسانًا قال لي كلّ ما فعلت، ألا يكون هو المسيح؟" (29)؛ فآمن سامريّون كثيرون بيسوع من أجل كلامها وشهادتها، وأتوا إليه وسألوه أن يقيم عندهم.

 

 

    وما أن سمع السامريّون الذين أتوا إلى يسوع كلامه حتى آمنوا به، بعدد أكبر، ومن أجل كلمته هو؛ وقالوا عندئذٍ لتلك المرأة: ما عدنا نؤمن من أجل كلامك، بل لأنّنا نحن قد سمعناه؛ فقولهم هذا يفيدنا، ويؤكّد لنا، بأنّ كلامنا عن الربّ لا يوفي التزامنا بحمل بشارته إلى الآخرين، ولا يحمل هؤلاء إلى الإيمان به إلاّ إذا أصبح كلامنا ككلامه، تعبيرًا لا عن نطق ومعرفة فحسب، بل عن حياة ملتزمة أيضًا.

 

 

   قد يبدو لنا أو لبعضنا أنّ إيمان هؤلاء السامريّين كان أعظم من إيمان المرأة السامريّة، لأنّه بلغ بهم إلى التّأكيد على أنّ يسوع "هو حقًّا مخلّص العالم" (42)، بينما لم يبلغ إيمانها بها إلاّ إلى التساؤل حول هويّة يسوع، فقالت: "ألا يكون هو المسيح؟" (29)؛ لكن هذا البادي صحيحًا، استنادًا إلى العبارتين المذكورتين أعلاه، لا تثبت صحّته إذا ما وضعنا تلك العبارتين في إطار الحوار بين يسوع والسامريّة، وأخذنا بالاعتبار تصرّف هذه الأخيرة بعد الحوار، إذ تركت جرّتها عند العين، ومضت إلى المدينة، وأخبرت الناس عن أنّ إنسانًا (يسوع) قال لها كلّ ما فعلت، متسائلةً أمامهم: ألا يكون هو المسيح؟ ودعتهم إلى أن يأتوا ليروه ويسمعوه؛ فما اكتشفته هي، بجهد واستفهام، استفاد منه هؤلاء وأكّدوه بسهولة أكبر عندما رأوا يسوع وسمعوه.

 

 

  إيمان السّامريّة، وإيمان السامريّين بيسوع يثير لدينا التساؤل التالي: كيف نفهم من جهّة، إيمان هؤلاء بيسوع، وهم غير متحضّرين له، ومن جهّة أخرى عدم إيمان اليهود  بيسوع، وهم متحضّرون له عبر تاريخهم؟

 

قد يكون الجواب في أنّ السّامريّين قد سمعوا كلام الإيمان، فرأوا فيه ما ليس لديهم وكانوا بحاجة عميقة إليه، فقبلوا ما سمعوا وآمنوا؛ أمّا اليهود، فقد سمعوا كلام يسوع، فقابلوه بما لديهم من عند الله (التوراة والأنبياء)، وكان هذا قد تحوّل إليهم، بدلاً من أن يتحوّلوا، هم، إليه، فرأوا تباينًا بين ما سمعوه وبين ما لديهم، ورفضوه ولم يؤمنوا!

 

نحن هنا، أمام قاعدة إيمانيّة هامّة: على المؤمن أن يتحوّل إلى إيمانه وينفتح هكذا على الله، وإلاّ يتحوّل إيمانه إليه، فيتعطّل ويحجب عنه الله ما هو خاصّ به، وحتّى الحقيقة.

 

 

ثانيًا قراءة رعائيّة

 

 

   شرح العبارة: "ما عدنا من أجل كلامك نؤمن" (42)

 

شهادة المرأة (أو شهادة الرسل بالذات فيما بعد)، لا تقود حقًّا إلى الإيمان، إلاّ إذا كان هناك لقاء مع شخص يسوع وكلمته.

 

 

   2- شرح العبارة: "مخلّص العالم"

 

ترد هذه العبارة هنا وفي (1 يو4: 14)؛ يسوع هو أكثر من معلّم، كما انتظره السامريّون، هو المخلّص؛ وخلاصه لا يتوقـَّف عند اليهود (يو4: 22)، بل يصل إلى السامريّين، وإلى العالم كلّه (يو3: 16).

 

 

الأب توما مهنّا