إنجيل اليوم (يو6/ 40-44)
40 أجل، هذه مشيئة أبي، أنّ كلّ من يشاهد الابن ويؤمن به، ينال حياةً أبديّة، وأنا أقيمه في اليوم الأخير.
41 فأخذ اليهود يتذمّرون على يسوع، لأنّه قال: "أنا هو الخبز الّذي نزل من السّماء".
42 وكانوا يقولون: "أليس هذا يسوع بن يوسف، ونحن نعرف أباه وأمّه؟ فكيف يقول الآن: إنّي نزلت من السّماء؟".
43 أجاب يسوع وقال لهم: "لا تتذمّروا في ما بينكم.
44 لا أحد يقدر أن يأتي إليّ، ما لم يجتذبه الآب الّذي أرسلني، وأنا أقيمه في اليوم الأخير".
أوّلاً قراءتي للنصّ
الآية (40)
بعد أن كلّم يسوع اليهود، في الآيتين السابقتين (38- 39) عن مشيئة الله الآب، الذي أرسله، فنزل من السماء، وأتى إلى العالم، لكي يعمل مشيئة الله الآب؛ وبعد أن حدّد يسوع عمله هنا، في أن يحفظ الذين أعطاه إياهم الله الآب، وعلى ألاّ يفقد أحدًا منهم، وعلى أن يقيمهم في اليوم الأخير؛ يشير يسوع، في هذه الآية (40) إلى أنّ من يشاهده (هو الابن)، أي أنّ كلّ من يسمع كلامه، ويرى أعماله، ويؤمن به، هو المعنيّ والحاصل على ما ورد أعلاه.
الآيات (41-44)
أثار قول يسوع عن نفسه إنّه الخبز النازل من السماء (22-34) تذمّرًا شديدًا لدى اليهود، لأنّهم لم يجدوا شيئًا يدلّ على ذلك في معرفتهم البشريّة له ("أليس هذا يسوع بن يوسف، ونحن نعرف أباه وأمّه؟")؛ فكيف يجيز لنفسه، وما الذي يخوّله القول: "إنّي نزلت من السماء"؛ فأجابهم يسوع:
أ- نصحهم، أوّلاً، بأن "لا تتذمّروا في ما بينكم" (43)، ولا تتشاركوا في هذا الموقف السلّبي، ولا تعملوا على تغذيته وتأجيجه.
ب- وأفادهم، ثانيًا، بأن لا أحد يقدر أن يقبل ما يقوله عن نفسه، ما لم يجتذبه الله الآب الذي أرسله؛ وبأنّ من يقبله ويؤمن به، يقيمه هو، في اليوم الأخير.
ثانيًا "قراءة رعائيّة"
الآية (40)
لا يستطيع الموت، الذي غلبه الربّ بالقيامة، أن يدمّر الحياة التي يعطيها المسيح.
الآيتان (41 و43)
تذمّر اليهود على يسوع، كما تذمّر آباؤهم في البرّيّة على موسى، وبالتالي على الربّ (راجع خر16: 1-8)، فدلّ تذمّرهم على عدم إيمانهم.
الآيتان (42 و44)
لم يستطع اليهود التوفيق بين وضع يسوع البشريّ (هو ابن يوسف، نعرف أباه وأمه)، وبين أصله الإلهيّ (نزل من السماء، أرسله الآب)؛ لا بدّ من الإيمان! الآب نفسه يجتذبنا إلى يسوع (44)، شرط أن لا نقسّي قلوبنا، كما فعل الشعب في البرّيّة.
الأب توما مهنّا