جمعة أسبوع النسبة

الإنجيل

جمعة أسبوع النسبة

 

 

 

 

 

إنجيل اليوم (يو12: 44- 47)

 

 

44 وهتف يسوع فقال: "من يؤمن بي فما بي يؤمن، بل بمن أرسلني.

45 ومن يراني يرى من أرسلني.

46 أنا جئت نورًا إلى العالم، لكي لا يبقى في الظّلام كلّ مؤمنٍ بي.

47 فمن سمع أقوالي ولم يحفظها، فأنا لا أدينه، لأنّي ما جئت لأدين العالم، بل لأخلّص العالم.

 

 

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 

 

تجدر الإشارة إلى أنّ يوحنّا الإنجيليّ لم يحدّد الإطار التاريخيّ الأصليّ لخطاب يسوع الوارد في الآيات (44- 50)؛ وقد أدرج هذا الخطاب هنا، بالرغم من أنّ يسوع، وكما يذكر الإنجيليّ، كان قد مضى وتوارى عن عيون الشعب (12: 36)؛ هذا الخطاب هو نداء أخير، يقوّم يسوع به رسالته وحياته كلّها، بعد أن قوّم الإنجيليّ حياة يسوع العلنيّة في (12: 37- 43)؛ وينذر يسوع من لا يقبل رسالته الخلاصيّة، بأنّ "كلمته" ستكون ديّانه في اليوم الأخير.

 

 

 

  قد نحيط بمضمون هذا النصّ، إذا ما ميّزنا فيه النقاط الثلاث التالي.

 

 

أ- يؤكّد يسوع على ارتباطه الوثيق والفريد بالله الآب الذي أرسله؛ وبما أنّ هذا الارتباط جوهريّ وذاتيّ، فكلّ من يؤمن به (أي بيسوع) لا يؤمن به فحسب، بل يؤمن بالفعل عينه، بالله الآب الذي هو وإيّاه واحد، وهو الذي أرسله؛ وكلّ من يراه، هو الذي صار إنسانًا بتصميم الله الآب الخلاصيّ، وبإرادته في تنفيذ هذا التصميم، يرى فيه الله الآب ذاته، الذي أرسله؛ إذن، كلّ ما يقوم بين الإنسان وبين يسوع في أيّ مجال، وعلى أيّ صعيد، إن على صعيد الإيمان أو المعرفة أو الحواسّ، إنّما هو قائم أيضًا، بين هذا الإنسان وبين الله الآب عينه!

 

 

 

 

ب- ويؤكّد يسوع، أمام الجمع الحاضر، على أنّه جاء "نورًا" إلى هذا العالم القابع في الظلام، ظلام الخطيئة المتمظهرة في مختلف الشرور الطبيعيّة والأخلاقيّة والقانونيّة؛ وظلام الجهل الذي يحول دون رؤية الإنسان يد الله الخالق في الموجودات المحيطة به، وفي كمالاتها التي تبقى أوصافنا لها ما دونها؛ وظلام العمى الذي يحول أخيرًا دون تطلّع الإنسان إلى ما وراء، بل إلى ما فوق هذا العالم، إلى عالم ملكوت الله، ودون التوق المتزايد إليه يومًا بعد يوم. نعم، جاء يسوع نورًا، لكي لا يبقى في ظلام هذا العالم، كلّ إنسان يؤمن به، ويهتدي بهديه، ويسير على دروب هذا العالم على نوره!

 

 

 

 

ج- ويتقدّم يسوع من كلٍّ من يسمع أقواله هذه ولا يقبلها، ولا يحفظها، ليؤكّد له على أنّ موقفه منه، هو عينه في هذه الحياة الحاضرة، وهو موقف مزدوج: لن يدينه، بل يريد خلاصه!

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

 

   1- الآية (44): نحن أمام نداء أخير إلى الإيمان، الإيمان بيسوع، والإيمان بالله الآب الذي أرسله (راجع: 10: 38؛ 13: 20؛ 14: 7-11).

 

 

   2- الآية (46): نستدّل على وجود يسوع في الأزل، وعلى رسالته في الزمن (راجع: يو1: 4- 5؛ 8: 12).

 

   3- الآية (37): الشريعة في العالم اليهوديّ هي ديّان يحكم على الناس؛ أمّا يسوع، فليس في العالم ليدين العالم ويحكم على الناس، بل هو في العالم ليخلّص البشريّة كلّها التي أحبّها الله الآب، وأرسل لخلاصها ابنه الوحيد (يو3: 16).

 

 

 

 

الأب توما مهنّا