إنجيل اليوم (متّى 23: 1-12)
1 حِينَئِذٍ كَلَّمَ يسوعُ الجُموعَ وتَلاميذَه
2 قَائِلًا: "على كُرسِيِّ موسى جَلَسَ الكَتَبَةُ والفِرِّيسيُّون.
3 فَاعمَلُوا بكُلِّ مَا يَقولُونَهُ لَكُم واحفَظُوه، وَلَكِن أَفعالَهم لا تَعمَلُوا. فَهُم يَقولُونَ ولا يَعمَلُون.
4 إنَّهُم يَحزِمُونَ أَحمَالًا ثَقِيلَة، ويَضَعُونَها على أَكتَافِ النَّاس، وهُم لا يُرِيدُون أن يُحَرِّكُوهَا بِإصبَعِهِم.
5 وجَميعُ أَعمَالِهِم يَعمَلُونَها لِيَراهُم النَّاس: يُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُم، ويُطَوِّلُونَ أَطرَافَ ثِيَابِهِم،
6 ويُحِبُّونَ مَقَاعِدَ الشَّرَفِ في الوَلائِم، وصُدٌورَ المَجَالِسِ في المَجَامِع،
7 والتَّحِيَّاتِ في السَّاحات، وأَن يَدعُوَهُمُ النَّاسُ: رابِّي!
8 أَمَّا أَنتُم فَلا تَقبَلوا أن يَدْعُوكم أَحَدٌ: رَابِّي! لأَنَّ مُعَلِّمَكُم وَاحد، وأَنتُم جَمِيعُكُم إِخوَة.
9 ولا تَدْعُوا لَكُم على الأَرضِ أَبًا ، لأَنَّ أَباكُم وَاحد، وهُوَ الآبُ السَّمَاوِيّ.
10 ولا تَقبَلُوا أن يَدعُوَكُم أَحَدٌ مُدَبِّرين، لأَن مُدَبِّرَكُم وَاحِد، وهُوَ المَسِيح.
11 وَلْيَكُنِ الأعظَمُ بَينَكُم خادِمًا لَكُم.
12 مَن يَرفَعْ نَفسَهُ يُوضَعْ، ومَنْ يُواَضِعْ نَفسَهُ يُرفَعْ.
أوّلًا قراءتي للنصّ
أُعطيَ لنصّ إنجيل هذا اليوم العنوان التالي: "رياء الكتبة والفرّيسيّين"؛ له نصّ موازٍ في مرقس (12: 28-40)، وآخر في لوقا (20: 45-47).
جاء في "كتاب القراءات" ما نصّه: يقرّ يسوع بما للفرّيسيين والكتبة من سلطة دينيّة؛ ولكنّه يرى تفاسيرهم للتوراة ضيّقة، لا تطاق ولا يعمل بها؛ ويحذّر تلاميذه من طلب السلطة مثلهم، عجبًا بالنفس وكبرياء، لأنّ السلطة، في نظر يسوع، هي خدمة وبذل للذات.
أهمّ الأفكار الرئيسة في وصف يسوع للفرّيسيّين والكتبة: هم أصحاب سلطة دينيّة؛ يقولون ولا يعملون؛ يثقّلون الأحمال على أكتاف الناس؛ جميع أعمالهم يعملونها ليراهم الناس؛ يحبُّون مقاعد الشرف والتحيّات، وتسميتهم معلّمين ...
أهمّ الأفكار الرئيسيّة في رؤية يسوع لتلاميذه: العمل بكلّ ما يقوله لهم الفرّيسيّيون والكتبة وحفظه؛ لا العمل مثل أعمالهم؛ هم جميعهم إخوة، ليس لهم إلّا أب واحد، هو الآب السماويّ، وليس لهم معلّم ومدبّر إلّا واحد، هو المسيح؛ الأعظم فيهم هو خادم لهم، لأنّ أصالة الرفعة، في المسيحيّة، هي في الضعة.
ثانيًا "قراءة رعائيّة"
يضعنا هذا النصّ في جوّ القطيعة بين يسوع وبين الفرّيسيّين والكتبة: إنّهم الفئة الأشدّ معارضة لرسالته الخلاصيّة، والأخطر على الكنيسة، وذلك بالرياء الذي به يتسلّحون.
الرياء؟ هو في التعارض بين ما نقول وما نفعل (غياب المنطق)، بين حقيقة الشخص ومظاهره (التظاهر بالفضيلة)، بين الداخل والخارج.
هنا، يواجه يسوع الفرّيسيّين والكتبة في خطّ الأنبياء، وبشهادة التلاميذ والجموع، في محاولة أخيرة، مرفقة بغضب وشفقة، علّهم يتنبّهون ويستيقظون! إنّها صرخة الحبّ .
وينهي يسوع خطبته بإعطاء تلاميذه قاعدة حياة، تبرز ما يجب أن تكون عليه روح الأخوّة في الجماعة: لا يأخذ التلميذ محلّ المسيح ومحلّ الله، بل يعمل عمل التعليم والخدمة في خطى المسيح.
الأب توما مهنّا