الإثنين السابع عشر من زمن العنصرة

الإنجيل

الإثنين السابع عشر من زمن العنصرة

 

 

 

 

إنجيل اليوم  (متّى 5/ 43-48)

 

 

43 قال الرّبّ يسوع: "سمعتم أنّه قيل: أحبب قريبك وأبغض عدوّك.

 

44 أمّا أنا فأقول لكم: أحبّوا أعدائكم، وصلّوا من أجل مضطهديكم،

 

45 لتكونوا أبناء أبيكم الّذي في السّماوات، لأنّه يشرق بشمسه على الأشرار والأخيار، ويسكب غيثه على الأبرار والفجّار.

 

46 فإن أحببتم الّذين يحبّونكم، فأيّ أجرٍ لكم؟ أليس العشّارون أنفسهم يفعلون ذلك؟

 

47 وإن سلّمتم على إخوتكم وحدهم، فأيُّ فضلٍ عملتم؟ أليس العشّارون أنفسه يفعلون ذلك؟

 

48 فكونوا أنتم كاملين، كما أنّ أباكم السّماويّ هو كامل".

 

 

 

أوّلًا  قراءة للنصّ

 

 

أُعطيَ لنصّ إنجيل هذا اليوم، في "الترجمة اللّيتورجيّة"، العنوان التالي: "في محبّة الأعداء"؛ وله نصّ موازٍ في لوقا ( 6/ 27- 28، 32-36)، حيث يدعو يسوع سامعيه والمؤمنين به إلى التميّز والتفوّق بهذه المحبّة المجّانيّة عن الخطأة الّذين يتبادلون، فيما بينهم، المحبّة والإحسان والاستقراض...؛ نشير إلى أنّ هذا النصّ يرد، مع شرحه، في يوم سبت الأسبوع السابع من زمن القيامة.

 

 

 

 

 يشير يسوع إلى ما يتميّز به تعليمه في محبّة الآخرين، عن التعاليم المألوفة، والمعمول بها أو السائدة في المجتمع؛ هذه كلّها تأمر، بل تقبل بمحبّة القريب، وببغض العدوّ؛ أمّا يسوع، فإنّه يأمر بمحبّة العدوّ أيضًا، وبالصلاة لأجله، لكي يتوب؛ تجدر الإشارة هنا، إلى أنّ القريب يتحدّد، بالرابط الدمويّ، أو بالرابط العاطفيّ أو الشخصيّ، أو بالمصالحة المتبادلة؛ ولكنّه يتحدّد، بالمعنى المسيحيّ الحصريّ، بالمحتاج إلى آخر يلتقي به هذه الحياة، ويجد لديه ما يؤمّن له حاجته ( راجع لو 10/ 29-37)؛ أمّا العدوّ، فهو الذي يتعدّى ويضرّ ويظلم...

 

 

 

 

يبرّر يسوع محبّة الأعداء بالجديد الذي أتانا به، ويزرعه فينا، فأصبحنا به، أبناء أبينا الذي في السماوات، الذي يشرق بشمسه (ليس فقط كخالق، بل وكمخلّص أيضًا)، على الأشرار والأخيار، ويسكب غيثه على الأبرار والفجّار؛ فكما أبانا الذي في السماوات، كذلك علينا نحن، أن نكون: فنغمر الجميع بمحبّتنا، القريب والعدوّ، ونتفوّق بالفعل على العشّارين والوثنيّين...

 

 

 

 

 

بهذا التعليم يبلغ بنا يسوع إلى القمّة في برنامج ملكوته الجديد! إذ يطلب منّا أن نحبّ جميع الناس، حتّى أعداءنا ومضطهدينا، لنكون فعلاً، أبناء أبينا الذي في السماوات، ونكون كاملين كما أنّه هو كامل؛ نشير أخيرًا إلى أنّ عبارة "أبناء الله" لم ترد إلاّ لفاعلي السلام (5/ 9)، وعبارة "أبناء أبيكم" إلاّ لمحبّي الأعداء ( 5/ 45).

 

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

 

 

 يذكر العهد القديم محبّة القريب ( في لا 19/ 18)، ولا يفرض محبّة الأعداء؛ عند الإسيانيّين، مَن ليس من جماعتهم، يبغض ويسلّم إلى عدالة الله؛ لذلك، كان المبدأ التالي: الغريب هو العدوّ، أي كلّ مّن ليس من جماعتي، من بلدتي، من طائفتي، ليس قريبي؛ أمّا تعليم يسوع، فهو مغاير لمثل هذا التعليم: على المسيحيّ أن يعتبر كلّ إنسان قريبًا له، لا أحد غريب بالنسبة إليه، وبالتّالي ليس لديه أعداء؛ هكذا يقتدي بالآب السماويّ الذي لا يفرّق  بين الأخيار والأشرار، حين يشرق شمسه أو يرسل مطره.

 

 

 

 المطلوب إذن، أن يفترق المسيحيّ عن اليهوديّ، عن العشّار وعن الوثنّي؛ المطلوب من المسيحيّ هو الكمال، على مثال الآب السماويّ؛ مثال رفيع  يوجّه  طريق المؤمن، ويحمله على أن يستهدفه طوال حياته الزمنيّة.

 

 

 

الأب توما مهنّا