الأربعاء من أسبوع الكهنة

الإنجيل

الأربعاء من أسبوع الكهنة

 

 

 

 

إنجيل اليوم (متّى 20/ 20-28)

 

 

20 حينئذٍ دَنَت منهُ أمُّ يعقوبَ ويوحنّا ابنَي زبَدى، وهُما معها، وسَجَدَتْ لهُ تلتَمِسُ مِنهُ حاجة.

 

21 فقال لها: "ماذا تُريدين؟". قالت له: "مُرْ أن يَجلِسَ ابنايَ هذانِ في ملكوتِكَ، واحِدٌ عَن يَمينِكَ وواحِدٌ عَن يَسارِكَ".

 

22 فأجابَ يسوعُ وقال: "إنّكما لا تَعلمانِ ما تَطلبان. هلْ تَستطيعانِ أن تَشربا الكأسَ التي سأشربُها أنا؟". قالا لهُ: "نستطيع!".

 

23 فقالَ لهُما: "نَعَم، ستشربانِ كأسي. أمَّا الجلوسُ عَن يَميني وعَن يَساري، فليسَ لي أن أمنحَهُ إلّا لِمَن أعدَّهُ لهُم أبي".

 

24 ولمّا سَمِعَ العَشرَةُ الآخرون، اغتاظوا مِن الأخوَين.

 

25 فدَعاهُم يسوعُ إليهِ وقال: "تَعلمون أنَّ رُؤساءَ الأمَمِ يَسودونَهُم، وعُظماءَهُم يتسلّطون عليهِم،

 

26 فلا يكُنْ بينَكم هكذا، بل مَن أرادَ أن يكونَ بينَكم عظيمًا، فليَكُن لكُم خادِمًا.

 

27 ومَن أرادَ أن يكونَ الأوّلَ بينكُم، فليَكُنْ لكُم عَبدًا،

 

28 مِثلَ ابنِ الإنسانِ الذي لم يأتِ ليُخدَمَ بل لِيَخدُم، ويبذلَ نفسَهُ فِداءً عَن كثيرين".

 

 

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 

 

 أُعطِيَ لنَصّ إنجيل هذا اليوم العنوانُ التالي "طلبَ أمّ ابنَي زبدى"؛ له نصّ موازٍ في مرقس (10/ 35-45)، ولهذا شرح في زمن الصّليب، الأسبوع الأوّل، يوم الأحد.

 

 يسوع وأمّ يعقوب ويوحنّا ابنَي زبدى

 

دَنَتْ أمّ يعقوب ويوحنّا، وهما معها، وسجدت ليسوع، تلتمِسُ منه، لابنيها، حاجة؛ أعارَها يسوع اهتمامًا، وسألها: ماذا تُريدين؟ فقالت لهُ طلبها: أن يَجلِسَ ابنايَ هذان في ملكوتِك، واحدٌ عن يمينِك، وواحدٌ عن يسارِكَ! عندما سمعَ يسوع طلبها، حوّل انتباههُ عنها، إلى إبنَيها.

 

 يسوع وابنا زبدى

 

توجّهَ يسوع إليهما بكلامٍ فيه مَلامة: "إنّكُما لا تعلمان ما تطلبان!".

 

 إذا كنتما تطلبانِ مُشاركتي في مجدي، فعليكما، أوّلاً، أن تُشاركاني في شربِ "الكأس" التي سأشربُها أنا، وأن تَتعمّدا بالمَعموديّة التي (سوف) أتعمّد بها أنا (مر 10/ 38)؛ هنا تَوافُقٌ بين يسوع وبينهما.

 

 

 وإذا كنتُما تَطلبانِ الجلوسَ عن يميني ويساري، فهذا ليس لي أن أمنحه إلّا لِمَن أعدّه لهم أبي! هنا، لا توافُق بين يسوع وبينهما.

    

 

 أتى طلب ابنَي زبدى، بواسطَةِ أمّهما، حالًا بعد إعلانِ يسوع، للمرّة الثالثة، عن آلامِهِ وموتِهِ وقيامته؛ وجوابُ يسوع واضِح: إنّ مَن يتألّم ويموت معه، يتمجّد أيضًا معه؛ ولكنَّ الجلوسَ في المرتبةِ الأولى والثانية فهو محفوظ ٌ لإرادةِ أبيه.

 

 

  اغتاظ التّلاميذ ُ العَشرَة الآخرون عند سماعِهم هذا الطّلب، الذي كان موضوع جدالٍ شائكٍ ودائمٍ بين التّلاميذ، الذين كانوا يتقرّبون من يسوع للحصول على المرتبة الأولى في السّلطةِ بين بعضهم البعض.

 

 

 يسوع والتّلاميذ حول موضوع السّلطة: حينئذٍ دعا يسوعُ تلاميذهُ وقال لهم: رؤساء الأمم وعظماؤهم يُمارسون السّيادة والتسلّط (هنا المفهوم البشريّ السّائد للسّلطة)، أمّا أنتُم، فمَن يُريدُ منكُم أن يكون عظيمًا، فليَكُن خادِمًا وعبدًا، لأنّ السّلطة فيما بينكم، وفي الكنيسة، بالإضافةِ إلى كونها من الله الآب، وبما أنّها كذلك، هي محبّة وخِدمَة وفداء! هي على مِثاله، هو الذي لم يأتِ ليُخدَم، بل ليَخْدُم، ويبذلَ نفسه فداءً عن كثيرين.

 

 

ثانيًا قراءة رعائيّة

 

 

 الآيات (20-23)

 

 يبدو أنّ أمّ يعقوب ويوحنّا (صالومة) هي قريبة من يسوع، وقد تكون أخت أمّه (يو 19/ 25)؛ ويبدو أنّها رأت في يسوع المسيح، الملك المُنتظر، الذي يُمكنه أن يجعل ابنيها "وزيرين"، واحدًا عن يمينه، وواحدًا عن شماله، فيكونان في موضع الصدارة، ويُشاركان يسوع في سُلطته (متى 19/ 28)؛ وهكذا يبدو أنّها لم تفهم الإنباءات المُتكرّرة بالآلام، لا هي ولا ولداها؛ لذلك جاء في جواب يسوع تشديد على آلامه، لأنّ التّلاميذ، عمومًا، ظلّوا ينتظرون مسيحًا ممجَّدًا، وعلى أنّ الوسيلة الوحيدة للوصول إلى العظمة، إلى مجد الملكوت، هي الخدمة على مثاله، الخدمة التي تلتقي معه وتنبعُ منه، وعلى أنّ الله وحده، هو الذي يُقرّر المراكز الأولى في الملكوت.

 

 شرح عبارات وكلمات

 

 واحدٌ عن يمينِكَ وواحدٌ عن يسارك (21)

 

 سيكونُ عن يمين يسوع وعن يساره "اللّصان"، ومنهما ذاك الذي "استولى" على الملكوت في اللّحظةِ الأخيرة (لو 23: 42-43).

 

 اغتاظوا أو غَضِبوا (24)

 

 لم يدُلّ اغتياظهم أو غَضبهم على تواضع في خطّ الصّليب، بل يدلّ على حسد في خط ّ العمّال الأوّلين في الكرم (متى 20/ 15).

 

 فداءً (28)

 

 كان العبد يفتدي بالمال؛ أمّا يسوع فافتدانا بآلامه وموته (1قور 6/ 20؛ 7/ 23؛ روم 3/ 24).

 

 

 عن كثيرين (28)

 

أي مجمل الشّعب، بل البشريّة كلّها.

 

 

 الآيات (25-27)

 

 في كلامه عن السّلطة، ينتقدُ يسوعُ الطريقة التي بها يُمارسُ العظماءُ سلطتَهم في هذا العالم؛ ويحذّر تلاميذه من هذه الطريقة، ويدلّهم على طريقةٍ جديدة، لِمُمارسة السّلطة في الجماعة المسيحيّة، هي الخدمة؛ تَرِدُ هنا، وفي مجال السّلطة، كلمتان: "خادم" و"عبد"، مقابل "العظيم" و"الأوّل"؛ ويختم يسوع كلامه بدعوة تلاميذِهِ إلى اتّخاذِه، هو، لا سلاطين هذا العالم، مِثالا ً لهم في هذا المجال.

 

الأب توما مهنّا