إنجيل اليوم (يو 10/ 1-6)
1 الحقّ الحقّ أقول لكم: إنّ من لا يدخل حظيرة الخراف من بابها، بل يتسلّق من موضعٍ آخر، فهو لصٌّ وسارق.
2 أمّا من يدخل من الباب فهو راعي الخراف.
3 له يفتح البوّاب، والخراف تسمع صوته، فيدعو خرافه بأسمائها ويخرجها.
4 وعندما يخرج كلّ خرافه، يسير قدّامها، والخراف تتبعه، لأنّها تعرف صوته.
5 أمّا الغريب فلن تتبعه بل تهرب منه، لأنّها لا تعرف صوت الغرباء".
6 قال لهم يسوع هذا المثل، فلم يفهموا ما كان يكلّمهم به.
أوّلاً قراءتي للنصّ
يتكلّم نص إنجيل هذا اليوم عن الخراف (قطيع)، وعن راعيها الصالح؛ وقد ورد في نصّ إنجيل البارحة، أحد تجديد البيعة، كلام عن الموضوع نفسه، جاء فيه: قال يسوع لليهود: أنتم لا تؤمنون بي، لأنكم لستم من خرافي؛ لأن خرافي تسمع صوتي، وتتبعني؛ وأنا أعرفها، إنها للآب، وعطيّة منه لي؛ لن يخطفها أحد من يدي، ولا من يد الآب؛ وسأعطيها حياة أبديّة (26-29)؛ في نص إنجيل اليوم، كلام عن راعي الخراف الصالح، وعن اللص والسارق، وعن الغريب.
الراعي الصالح يدخل من الباب، يدعو الخراف بأسمائها، فتسمع صوته؛ يخرجها، ويسير أمامها، وهي تتبعه لأنها تعرف صوته؛ أما اللص أو السارق، فهو الذي لا يدخل إلى حظيرة الخراف من الباب، بل يتسلق من موضع آخر، وهكذا يسيء التصرف، إن من حيث الوسائل، وإن من حيث الأهداف؛ والغريب؟ هو الذي يجهل الخراف وأطر حياتها، وهي لا تعرف صوته، ولا تتبعه إذا ما دعاها، بل تهرب منه.
يصف النص، كما رأينا أعلاه، قطيع الخراف في الحظيرة، وفي خارجها، وفي علاقة هذه الخراف مع راعيها: يتكوّن القطيع من عدّة خراف، موجودة معًا، على اختلاف أفرادها، ومتفرقة هنا وهناك عند خروجها، ولكنها مرتبطة، داخل الحظيرة وبخاصة خارجها، براعيها الذي يعتني بها ويحميها من المخاطر.
هذا الوصف أو هذا المثل يبقى غير مفهوم (الآية 6)، إذا لم يعمل سامعه أو قارئه على تطبيقه: قطيع الخراف هو الكنيسة، هو جماعة المؤمنين بيسوع، في ذاتها، وفي علاقتها بالمسيح الذي هو، وحده، الراعي الحقيقي والصريح لها، بعكس اللص والسارق والغريب.
ثانيًا "قراءة رعائيّة"
1- نجد، في الآيات (1- 30) من الفصل العاشر، صورة الراعي: الله سمّى نفسه الراعي (مز 80: 1)، وأعطى مسؤوليّة الرعاية لرعاة (حكام) إسرائيل؛ ولكنهم خانوا المسؤوليّة، فندّد الرب بهؤلاء الرعاة الكذبة (أش 56: 9-12؛ حز 34)؛ ووعد براعٍ حقيقي يهتم بالقطيع (حز 34: 23)، هو المسيح؛
نقرأ في الآيات ( 1-5) مثلاً يعارض بين الراعي من جهة (الذي تسلّم مهمة)، والسارق واللص من جهة ثانيّة؛ نشير أخيرًا إلى الحظيرة، مكان في الهواء الطلق تجمع فيه الخراف داخل جدران من الحجارة (بشكل سياج)، تمنعها من الضياع كما تمنع عنها وحوش البريّة.
2- الآيتان (3-4)
وصف للمحبة وللثقة بين الراعي وخرافه: هي تصغي لصوته، وهو يدعو كل خروف باسمه؛ إنها تخص الراعي وتسمع صوته، يمشي قدامها، يدلها على الطريق، ويقودها إلى المراعي الخصبة، وهي تتبعه؛ وهناك الذين لا يتجاوبون معه، لأنهم لم يكونوا يومًا من خاصته؛ وهناك الغريب الذي لا يهمه أمر الخراف.
3- الآية (6)
المثل في يوحنا يرتبط برسالة يسوع على الأرض؛ فلا يفهم إلا على ضوء الوحي النهائي، بعد ارتفاع يسوع وعطيّة الروح القدس (راجع 2: 22).
الأب توما مهنّا