إنجيل اليوم (يو7/ 1- 10)
1 وكان يسوع، بعد ذلك، يتجوّل في الجليل، ولا يشاء التّجوّل في اليهوديّة، لأنّ اليهود كانوا يطلبون قتله.
2 وكان عيد اليهود عيد المظالّ، قريبًا.
3 فقال له إخوته: "انتقل من هنا، واذهب إلى اليهوديّة، لكي يشاهد تلاميذك أيضًا الأعمال الّتي تصنعها.
4 فلا أحد يعمل شيئًا في الخفاء، وهو يبغي الظّهور. إن كنت تصنع هذه الأعمال، فأظهر نفسك للعالم"،
5 لأنّ إخوته أنفسهم ما كانوا يؤمنون به.
6 فقال لهم يسوع: "ما حان وقتي بعد، أمّا وقتكم فهو حاضرٌ في كلّ حين.
7 لا يقدر العالم أن يبغضكم، لكنّه يبغضني، لأنّي أشهد عليه أنّ أعماله شرّيرة.
8 اصعدوا أنتم إلى العيد، وأنا لا أصعد إلى هذا العيد، لأنّ وقتي ما تمّ بعد".
9 قال لهم هذا، وبقي في الجليل.
10 وبعدما صعد إخوته إلى العيد، صعد هو أيضًا، لا ظاهرًا بل في الخفاء.
أوّلاً قراءتي للنصّ
أُعطيَ لنصّ إنجيل هذا اليوم العنوان التالي "إخوة يسوع لم يؤمنوا به" (الترجمة اللّيتورجيّة)، "يسوع وإخوته" (قراءة رعائيّة).
نشير إلى أنّ مجمل الكلام بين يسوع وبين إخوته، في هذا النصّ، هو على موضوع ذهابه إلى اليهوديّة، وصعوده إلى عيد اليهود، عيد المظالّ في أورشليم، مع ربط هذا الذهاب وهذا الصعود، من جهة "إخوته"، بإظهار نفسه وأعماله فعلاً، حيث مناسبٌ وفي مناسبة العيد، أمام تلاميذه والمشاركين في العيد، ومن جهته هو، "بوقته" الذي ما كان قد حان بعد، والذي فيه سيشهد على العالم بأنّ أعماله شرّيرة، ويتلقّى من العالم الرفض والبغض حتّى القتل؛ ثمّ نرى في ختام النصّ أنّ يسوع صعد إلى العيد، بعد أن صعد إليه إخوته، وكان صعوده لا ظاهرًا، بل في الخفاء (10).
وراء رفض يسوع التجوّل في اليهوديّة، والصعود إلى عيد المظالّ في أورشليم، ووراء صعوده بعدئذٍ وفي الخفاء، توقيت لحضوره، محدّد في منتصف العيد (7: 14)، ليكون الشعب كلّه قد تجمّع ودخل في جوّ العيد؛ لقد أظهر يسوع حينها نفسه، وأخذ يعلّم في وسط الهيكل على عيون الشعب والرؤساء جميعًا.
عيد المظّال هو عيد الغلال في الخريف، وبنوع أخصّ الكرمة والزيتون، وهما آخر مواسم السنة؛ يدوم ثمانية أيّام، وفي ختامها تُطلب أمطار الشتاء، من أجل الحصول على غلال وافرة في السنة الآتية.
صار هذا العيد لدى شعب التوراة ذكرى سكنه تحت الخيام في الصحراء، مدى أربعين سنة، وحمايته بعمود من غمامٍ نهارًا، ومن نارٍ، ليلاً، وارتوائه من ماء الصخرة العجيبة التي كانت ترافقه، والتي كانت على حدّ قول القدّيس بولس، المسيح نفسه (1قور10: 4).
تعني كلمة "إخوة" (3، 5) في الكتاب المقدّس، وعند الشرقيّين، إمّا أبناء الأمّ الواحدة، وإمّا الأقارب الأدنين (راجع تك13: 8؛ 14: 16؛ 29: 15؛ لا10: 4؛ 1أخ23: 22).
ثانيًا "قراءة رعائيّة"
حول الإطار العامّ لهذا الفصل (7)، والفصل التالي (8)، نعود هنا إلى الشروحات التالية.
يجمع الإنجيليّ البراهين الهامّة ضدّ مسيحانيّة يسوع، ويحاول الردّ عليها؛ نقف أمام ضياع البشر في سرّ يسوع (يو7: 1-36)، ونجد تهديدًا دائمًا له بالقتل والموت (19، 20، 25)؛ يقدر الناس أن يعرفوا أصله البشرّي (15، 27)، ولكن يسوع يحيلهم دومًا إلى علاقته الحميمة مع الله الآب، التي هي أساس رسالته (28- 29).
كلام يسوع هذا يدّل على حرّيّته تجاه الشريعة، وهذا يجعله في مواجهة مع السلطات اليهوديّة، لأنّها تعتبر نفسها الوحيدة التي تمتلك مفتاح تفسير الشريعة، وبما أنّ يسوع لا يقف في خطّها، فإنّها تسعى إلى أن تزيله (20، 30، 32).
الآيتان (4- 5)
عمل إخوة يسوع عمل الشيطان: جرّبوه كما سبق لإبليس وجرّبه (لو4: 1)؛ أشاروا إليه أن يظهر نفسه، وأعمال قدرته للعالم، فيبهر منه الأنظار؛ ففي طلبهم هذا، دلالة على أنّهم ما كانوا يؤمنون به بعد.
شرح عبارات وكلمات
ما حان وقتي (6)
أبناء هذا العالم يتصرّفون بوقتهم على هواهم؛ أمّا يسوع، فينتظر ساعته (2: 4؛ 5: 25، 28؛...)، التي حدّدها له الله الآب.
العالم (7)
تعني كلمة العالم هنا، الناس الذين يعارضون الله ومخطّطاته؛ من مهمّات يسوع أن يكشف شرّ أعمال هذا العالم (3: 20- 21)، الذي سيبغضه (15: 18- 25)؛ ولكنّه لن يبغض إخوته، لأنّهم ينتمون إليه.
أنا لا أصعد إلى هذا العيد (8)
يرفض يسوع أن يذهب إلى العيد بالطريقة التي يعرضها عليه إخوته، لأنّه يحمل رسالة من الله الآب، ويأتمر بأمره.
الأب توما مهنّا