24 ّساعة للرّب

متفرقات

24 ّساعة للرّب

 

 

24 ّساعة للرّب

 

 

ترأس قداسة البابا فرنسيس عصر الجمعة رتبة التوبة في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان مفتتحًا مبادرة "24 ساعة للرب"، وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة استهلها بالقول: "أَن أُبصِر" (مرقس 10، 51) هذا هو الطلب الذي نريد اليوم أن نوجّهه للرب. أن نبصر مجدّدًا بعد أن أفقدتنا خطايانا رؤية الخير وشوّهت جمال دعوتنا.

 

 يحمل هذا المقطع من الإنجيل معنى رمزيًّا وجوهريًّا كبيرًا لأن كل منا يعيش في حالة برطيماوس الذي قاده عماه إلى الفقر وليعيش على هامش المدينة معتمدًا على الآخرين. هذه هي أيضًا نتيجة الخطيئة: تُفقرنا وتعزلنا. إنها عمى الروح الذي يمنعنا من رؤية الجوهري ومن أن نحدّق النظر إلى الحب الذي يعطي الحياة.

 

 لكن يسوع مرّ، مرّ ولم يذهب أبعد: بل توقّف يقول لنا الإنجيل. لذلك يرتعش القلب لأننا نتنبّه بأن النور ينظر إلينا، ذلك النور اللطيف الذي يدعونا لكي لا نبقى منغلقين في عمانا المُظلم. إن حضور يسوع القريب يجعلنا نشعر بحاجتنا للخلاص، وهذه بداية شفاء القلب، ومن ثمّ عندما تصبح الرغبة بالشفاء أقوى، تقودنا إلى الصلاة ولنطلب المساعدة بقوّة وإصرار على مثال برطيماوس: " رُحماكَ، يا ابنَ داود!"

 

للأسف وعلى مثال هؤلاء "الأناس الكثيرين" الذين يخبرنا عنهم الإنجيل، هناك على الدوام شخص لا يريد أن يتوقّف ولا يريد أن يزعجه صوت من يصرخ من الألم ويفضل أن ينتهر ويُسكِتَ الفقير الذي يُسبب الإزعاج. إنها تجربة المضي قدمًا كما وأن شيئًا لم يكن، ولكن بهذا الشكل نبقى بعيدين عن الرّبّ ونُبقي الآخرين أيضًا بعيدين عن يسوع.

 

لنعترف بأننا جميعنا متسوّلون لمحبّة الله، ولا نسمحنَّ للرب الذي يمرّ بأن يفلت منا. لنعط صوتًا لرغبتنا الحقيقيّة: "يا يسوع، أريد أن أبصر". إن يوبيل الرحمة هذا هو زمن ملائم لقبول حضور الله واختبار محبته والعودة إليه بكل قلبنا. لذلك وعلى مثال برطيماوس لنلق عنا الرداء ولنثب ونأتي إلى يسوع (راجع آية 50): لنلق عنا ما يمنعنا من أن نسرع في المسيرة نحوه بدون أن نخاف من أن نترك ما يعطينا الأمان وما نحن متعلقون به.

 

 واليوم وأكثر من أي وقت مضى نحن الرعاة مدعوون أيضًا لنسمع صرخة الذين يرغبون بأن يلتقوا بالرّبّ. ينبغي علينا أن نُعيد النظر في تلك التصرفات التي أحيانًا لا تساعد الآخرين على الاقتراب من يسوع. بالتأكيد لا يجب علينا أن ننقّص من متطلبات الإنجيل ولكن لا يمكننا أن نخاطر بأن نجعل تافهة رغبة الخاطئ بأن يتصالح مع الآب، لأن عودة الابن إلى البيت هي ما ينتظره الآب قبل كل شيء.

 

لتكن كلماتنا كلمات التلاميذ الذين قالوا لبرطيماوس: "تَشَدَّد وقُم فإِنَّه يَدعوك". نحن مرسلون لنزرع الشجاعة ونعضد الأشخاص ونقودهم إلى يسوع، فخدمتنا هي خدمة المرافقة لكي يكون اللقاء مع الرّبّ شخصيًّا وحميمًا ويتمكّن القلب من أن ينفتح بصدق على المخلّص وبلا خوف.

 

فلا ننسينَّ أبدًا: وحده الله هو الذي يعمل في كل إنسان؛ وفي الإنجيل هو الذي توقف وسأل عن الأعمى، هو الذي أمر بأن يحملوه إليه؛ وهو الذي أصغى إليه وشفاه. ونحن قد تم اختيارنا لنولّد في الآخرين الرغبة بالارتداد ونكون أدوات تسهل اللقاء فنمدَّ يدنا ونمنح المغفرة ونجعل رحمته مرئية وفاعلة.

 

إن خاتمة النص الإنجيلي مفعمة بالمعاني: فأَبصَرَ – برطيماوس – مِن وَقتِه وتَبِعَه في الطَّريق؛ ونحن أيضًا عندما نقترب من يسوع نرى النور مجدّدًا لننظر إلى المستقبل بثقة ونجد مجددًا القوة والشجاعة لننطلق في المسيرة. لنتبعه إذًا، كتلاميذ أُمَناء ليتمكّن الذين نلتقيهم خلال مسيرتنا من مشاركتنا فرح محبته.  

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.