أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!
تصفُ لنا صفحةُ إنجيل (متى 14، 22- 23) يوم قام يسوع، بعد أن قضى ليله بالصّلاة على شاطئ بحر الجليل، وأتى للقاء تلاميذه في سفينتهم، ماشيًا على الماء. السفينة في وسط البحر، تعاكسها ريح قويّة. لَمَّا رآه التَّلاميذُ ماشِياً على البَحْر، ظنّوا أنّه خيال واعتراهم الخوف. أمّا هو فهدّأهم قائلا: "ثِقوا. أَنا هو، لا تَخافوا!" (آية 27). فقال له بطرس، باندفاعه المعتاد: "يا رَبِّ، إِن كُنتَ إِيَّاه، فمُرني أَن آتِيَ إِلَيكَ على الماء"؛ فدعاه يسوع "تعال!" (آيات 28- 29). فنَزَلَ بُطرُسُ مِنَ السَّفينَةِ ومَشى على الماءِ آتِيًا إِلى يسوع؛ ولكنّه خاف بسبب الرِّيح وأخذ يغرق. فصَرَخ: "يا رَبّ، نَجِّني!"، فمَدَّ يسوعُ يَدَه وأَمسكَه (آيات 30- 31).
يحتوي هذا الفصل من الإنجيل على صورة رمزيّة قويّة، ويحملنا على التفكير في إيماننا، سواء كأفراد أم كجماعة كنسيّة؛ في إيماننا نحن أيضًا الموجودين هنا، اليوم في السّاحة؛ الجماعة، هذه الجماعة الكنسية، هل لها الإيمان؟ كيف هو الإيمان داخل كلّ منّا، وإيمان جماعتنا؟
السفينة هي حياة كلّ منّا، ولكنّها أيضًا حياة الكنيسة؛ والرّيح المعاكسة تمثّل المصاعب والمحن. إن طلبَ بطرس: "يا رَبِّ، ... مُرني أَن آتِيَ إِلَيكَ على الماء" وصرختَه: "يا رَبّ، نَجِّني!"، يشبهان كثيرًا رغبتنا بالشعور بقرب الربّ، ولكن أيضًا الخوفَ والاضطرابَ اللذين يرافقان الأوقات الأصعب في حياتنا وفي جماعاتنا، المطبوعة بالهشاشة الداخليّة وبالصعوبات الخارجيّة.
في تلك اللّحظة، لم تكفِ بطرس كلمةُ يسوع المُطَمئِنة التي كانت بمثابة حبل ممدودة كي يتشبث بها لمواجهة المياه المعادية والهائجة. هذا ما يمكن أن يحدث معنا نحن أيضًا. عندما لا نتمسّك بكلمة الرَّبّ، فنستشير الأبراج والعرّافين كي نحصل على بعض الأمان، ونشرع بالغرق. هذا يعني أنّ إيماننا ليس قويّا.
يذكّرنا إنجيل اليوم أنّ الإيمان بالربّ وبكلمته، لا يفتح لنا طريقـًا حيث كلّ شيء هو سهل وهادئ؛ لا يعفينا من عواصف الحياة. لكن الإيمان يُعطينا يقينَ حضورٍ ما، حضور يسوع، يدفعنا لتخطّي العواصف الوجوديّة، والثقة بوجود يد تنشلنا كي تساعدنا على مواجهة المصاعب، فتدلّينا على الطريق، حتى حين تكون مظلمة. باختصار، ليس الإيمان مَهرَب مِن مشاكل الحياة، بل يساندنا في مسيرتنا ويعطيها معنى.
هذا الفصل هو صورة مذهلة عن واقع الكنيسة في كلّ الأزمان: سفينة، عليها أن تواجه، على طول العبور، رياحًا معاكسة وعواصف تهدّد بقهرها. وما ينجّيها، ليست شجاعة رجالها ونوعيّتهم: الضمانة ضدّ الغرق هو الإيمان بالمسيح وبكلمته. هذه هي الضمانة: الإيمان بيسوع وبكلمته. إنّنا بأمان على هذه السفينة، بالرّغم من بؤسنا وضعفنا، ولا سيّما عندما نركع ونعبد الربّ، مثل الرّسل الذين، في النهاية، سجدوا أمامه قائلين: "أنت حقّا ابن الله!" (آية 33). كم هو جميل أن نقول ليسوع: "أنت حقّا ابن الله!". دعونا نقوله جميعنا معًا؟ "أنت حقّا ابن الله!".
لتساعدنا العذراء مريم على المثابرة بحزمٍ في إيماننا، كي نقاوم عواصف الحياة، ونبقى في سفينة الكنيسة لتحاشي الصّعود على متن قوارب الإيديولوجيّات والأنماط والشّعارات، قوارب خلابة لكن غير آمنة.
أتمنّى لجميعكم أحدًا مباركًا. ومن فضلكم لا تنسوا الصَّلاة من أجلي. غداء هنيئا وإلى اللقاء!
كلمة قداسة البابا فرنسيس
صلاة التبشير الملائكي
الأحد 13 أغسطس / آب 2017
ساحة القديس بطرس
موقع الكرسي الرسولي.