عقدت ظهر اليوم الخميس ندوة صحفيّة في المركز الكاثوليكيّ للإعلام، بدعوة من اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام حول "الرّسالة العامّة لقداسة البابا فرنسيس "كُنْ مُسَبَّحًا Laudato si - حول العناية بالبيت المُشترك"، شارك فيها رئيس أساقفة بيروت للموارنة، ورئيس اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام المطران بولس مطر، مدير المركز الكاثوليكيّ للإعلام الخوري عبده أبو كسم، رئيس نادي العلوم د. أنطوان تيان، المديرة العامّة لجمعيّة الثروة الحرجيّة والتنمية (AFDC) د. سوسن أبو فخر الدّين، وحضور المسؤول عن الفرع البصريّ والسَّمعي في المركز الأب سامي بو شلهوب والأب بولس مطر، ولفيف من الإعلاميّين والمهتمّين.
المطران مطر
بداية رحّب المطران بولس مطر بالحضور وقال: "أيّها الأحبّاء، يشرّفنا في هذا الصباح أن نقدّم لكم من المركز الكاثوليكيّ للإعلام، رسالةً غاية في الأهميّة لقداسة البابا فرنسيس العائد من أمريكا بعد جولة كرّس بها المُصالحة الشهيرة بين كوبا وأميركا، أيّده الله في كلّ مسعاه لجمع الناس بعضهم إلى بعض.
وقد كتب هذه الرّسالة البابويّة العامّة حول البيئة والأرض التي سمّاها بيتنا الواحد، كان ذلك في الربيع الماضي، وبعد الصيف نأتي إلى هذه الرسالة لنقدّمها لكم فرصةً للتأمل بالأرض ومصيرها أرضًا واحدة للناس جميعًا.
مقدّمتي تتعلّق فقط ببعض أفكار البابا وخلفيات هذه الأفكار، البابا يذّكر في مقدّمته أنّه كتب رسالة قبل هذه سمّاها "فرح الإنجيل" وقال "أنّي وجهّهتها إلى الكاثوليك والكهنة والأساقفة ليكون لهم العزم على نشر الإنجيل وثقافة الإنجيل"، إنّها تخصّ الكاثوليك وعملهم ورسالتهم، أمّا هذه الرّسالة يقول البابا فهي موجّهة إلى جميع الناس. إذ قال لهم هذه الأرض هي بيتنا المُشترك وبهذا القول يعني البابا ما يعنيه من أنّنا كلّنا عائلة واحدة إنسانيّة، تسكن بيتًا واحدًا، ويدعو جميع النّاس في هذه المناسبة لأن يتوحّدوا حول مصيرهم المُشترك، وحول الحفاظ على أرضهم التي هي بيتهم، لأنّ هذا البيت رآه البابا أنّه تلوّث كثيرًا، وأن الحضارة العصريّة خلقت مشاكل كثيرة في السكنى في هذا البيت بعد اختراع الآلات البخاريّة، وبعد اختراع كلّ ما تمّ اختراعه من وسائل للسيطرة على الطبيعة دفع الإنسان ثمن اختراعاته غاليًا جداّ. إذاً إنّ هذه البيئة التي نحن فيها والتي خلقها الله حفاظًا على الأرض وعلى الحياة فيها، بدأت تتزعزع أركانها، الاحتباس الحراري شيء صعب جدًا صعب التصوير، أن تعلو درجة الحرارة 9 درجات كلّ مئة سنة هذا يعني أنّنا بعد كذا سنوات سوف لا نعيش على هذه الأرض إذا ما بقينا بهذه الوتيرة.
"اختراق الطبقة الغلافيّة التي تغلّف الأرض نحو الفضاء الواسع يشكّل خطرًا على البيئة نفسها، للننظر كيف أنّ الله خلق لنا هذه البيئة ليحمي الأرض والحياة فيها، فهل نحن ندمّر من خلقه الله؟ هذا سؤال جوهريّ إذا الأمر يعنينا يعني حياتنا ومستقبل أولادنا في أكثر ما للكلمة من معنى.
إنّكم جميعًا عائلة واحدة، فكروا معًا، عيشوا معًا ليكون لكم مصير واحد، لا تحلّون هنا مشكلة بيئيّة وحسب، بل تحلّون مشكلة إنسانيّة، مشكلة الصّداقة والمحبّة والتعاطف والتناقض والتعاطق والتضامن بأن نكون عائلة واحدة باسم الإنسان والإنسانية"، (هذا موقف البابا في خلفيات فكره.)
ثم إنّ للبابا كلمةً جميلةً جدًّا يقول فيها للمؤمنين وكلّنا مؤمنون" إنّ هذه الأرض هي خليقة الله مقدّمة لنا ولكنّنا لسنا أسيادها بالمعنى المُطلق، فالربّ سيّد الكون ونحن مكلّفون بهذا، هل نحن مكلّفون لندمّر هذا الكون أو لنحافظ عليه لأجيالنا الآتية؟ ما معنى سيادة الإنسان على الكون؟ هذا أمرٌ أساس يجب أن نفكّر به؟ نحن لسنا أسيادًا لنُميت هذا الكون الله السيّد المُطلق هذا ما يجب أن نفكر به لأنّ العالم المُعاصر يعتبر الحريّة الإنسانيّة حريّة مُطلقة من أيّ قيد وهذا أمر خطر، أوروبا تحيا اليوم مشكلة الحريّة المتفلّتة، ومن المُمكن أن نشبّه البيئة الجيولوجية والجغرافية بالبيئة الإنسانيّة الآن، خلق الله الإنسان ليكون له عائلة ليكون له نوع من الحياة والإنسانيّة والأخوّة، إن نحن دمّرنا هذه البيئة الإنسانيّة دمّرنا الإنسان نفسه، وهذا إن دمَّرنا البيئة الجيولوجيّة دمّرنا الحياة نفسها، نحن لسنا أحرارًا بمعنى أن نقتل هذا العالم، لذلك يجب أن نحافظ عليه، أن نبقيه نظيفًا، أن نُبقيه قابلاً للعيش وللحياة، أن نُبقيه عربون حياة، الله خلق هذا العالم وسلّمنا إيّاه لنحيا فيه ويحيا ويستمرّ في الحياة."
في الواقع هناك أناس اليوم يجعلون الرّبح مثلاً سيّئًا في حياتهم مهما كانت الأسباب لا قيمة لهم إلّا للربح، إلّا لاستعمال هذا الكون كما تستعمل برتقالة نعصرها ثمّ نرميها، فهذا ليس موقفًا إنسانيًّا، نحن لسنا مكلّفين بهذا المعنى، نُريد أن نقرأ هذه الرّسالة بتمعّن كُلّي، أن نقتنع بما تقول هذه الرّسالة، رسالة للإنسان والإنسانيّة وبعد ذلك نجلس معًا ونقول ما يجب أن نعمل.
فيما نربّي أولادنا للمحافظة على البيئة البابا يقول هناك مشكلة مياه عذبة ليس للبشر اليوم مياه عذبة لكلّ الناس ويقول كلامًا جوهريًّا لكبار هذا العالم، وقد أجريت مؤتمرات كبيرة حول البيئة، الذين كانوا أقل اهتمامًا هم الأكثر قدرة مثلاً الولايات المتحدة الأميركيّة، لم يدخلوا في ارتباطات من أجل البيئة لأنّ بعض النّاس عندهم يُريدون أن يمصوا العالم وأن يذبحوهم دون النظر إلى الحياة ولا إلى المستقبل، البابا كلّمهم في زيارته الأخيرة والرئيس الأميركيّ كان مستمتعًا جيًّدا لكلام قداسته، لذلك يجب أن نكون أهل إيمان لهذه القضيّة، أن نتبنّاها وأن نجلس معًا حتى نصل إلى الغاية التي من أجلها كانت الأرض وكنّا."
د. أبو فخر الدين
ثم تحدثت د. سوسن أبو فخر الدين عن التحديات البيئيّة في لبنان فقالت:
"أوّلاً تغيّر المناخ أكبر تحدّ أمام البشريّة، وهو لم يحدث فجأة، بل هو مشكلة من صنع الإنسان، يستهلك الإنسان يوميًّا الطاقة على شكل الفحم والنفط والغاز وذلك لتلبية حاجاته اليوميّة من الطاقة، ويؤدّي إحراق الوقود الأحفوريّ المستمرّ إلى انبعاث كميّات هائلة من ثاني أوكسيد الكربون وهو من أحد الغازات الدفينة. وتتمتّع هذه المجموعة من الغازات بالقدرة على تخزين طاقة الشمس بشكلِ حرارة مُسبّبة ارتفاعًا في درجة حرارة الأرض في إطار ظاهرة تعرف بالاحترار العالميّ.
يؤدّي تغيّر المناخ إلى مجموعة واسعة من الآثار ولا تزال القائمة تتوسع، ولكن بإمكاننا تقسيم الآثار إلى: ارتفاع مستوى البحر، حين ترتفع حرارة الأرض من المتوقّع أن يرتفع مستوى سطح البحر بسبب ذوبان الصفائح الجليديّة والتمدّد الحراريّ لمياه المُحيطات، وتتضمّن الكوارث المناخيّة القصوى الفياضانات والجفاف والعواصف، ومع ارتفاع درجات الحرارة، اجتاح الجفاف وموجات الحرّ الكرة الأرضيّة، ستكون منطقة الشّرق الأوسط وأفريقيا من المناطق الأكثر تأثّرًا، وسوف تواجه هذه المناطق نقصًا حادًّا في المياه في المستقبل. وقد يعاني أكثر من 4 مليار شخص، أي أكثر من نصف سكّان العالم، من ندرة المياه بحلول العام 2080، وعلى صعيد الزارعة، تغيّر المناخ يعرّض الزارعة إلى خطر أكبر، سترتفع أسعار المواد الغذائية، وسوف تعاني الماشية من إجهاد حراري أكثر، كما أن المحاصيل ستشهد ضررًا جرّاء موجات الحرّ، كما أنّ ندرة المياه المتزايدة ستؤثّر على الزراعة وسوف تؤدّي كذلك الأمر إلى خسارة الأرض الخصبة.
وما إن يأخذ تغيّر المناخ أدراجه، سيتأثّر التّنوع البيولوجيّ، ونتوقّع أن ينقرض نصف أجناس الكوكب بحلول العام 2050 كنتيجة مباشرة للتغير المناخيّ. كما أنّ الأحراج ستتأثّر بشكل هائل بتغيّر المناخ. ستزداد حرائق الغابات مع ارتفاع الحرارة. وستتأثّر الصّحة العامّة بصورة لافتة بسبب مستويات انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون المتزايدة. كما من المتوقّع أن تشهد الأمراض المُعدية والأمراض الناتجة من ارتفاع الحرارة ازديادًا بسبب تغيّر المناخ.
أمّا في لبنان، فتغيّر المناخ سيؤدّي إلى إختفاء غاباته إبتداءً بغابات الأرز من جرّاء إرتفاع الحرارة وفقدان الثلوج وازدياد في وتيرة الحرائق وتكاثر الحشرات والآفات. أمّا إرتفاع البحر سيؤدّي إلى خسارة في المساحات الشاطئيّة وتعطيل البنية التحتيّة وارتفاع نسبة المُلوحة في المياه الجوفيّة الساحليّة. كما سيؤدّي تغيّر المناخ الى ازدياد كبير في التصحّر وخسارة في الأراضي الزراعيّة ونقص في الثروة المائيّة.
وبالرّغم من أنّ البعض قد يعتقد بأن موسم الحرائق قد إنتهى، إلّا أنّ جمعيّة الثروة الحرجيّة والتنمية (AFDC) تحذّر بأن هذا المطر يشكّل خطراً عالياً، ويزيد من حدّة الحرائق وسرعة إنتشارها بسبب عمليّة التبخّر التي تلي المطر خاصّة بأنّه يتوقّع أن ترتفع درجات الحرارة خلال شهر تشرين الأوّل وتزداد سرعة الرّياح، وتذكّر بأنّه بتاريخ 2 تشرين الأول 2007 شهد لبنان في يوم واحد إختراق 4000 هكتار من الأراضي الحرجيّة في حين أنّ المعدل السنويّ للحرائق هو 1500 هكتار.
بتاريخ 31/8/2015، وفي ضوء ما آلت إليه مشكلة النفايات، قرّر دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ تمّام سلام تكليف وزير الزراعة أكرم شهيّب ترؤس لجنة من الخبراء وأصحاب الاختصاص، تكون مهمّتها النظر في الملف واقتراح مخارج وحلول فوريّة للأزمة. وبناء على ذلك، شكّل وزير الزراعة لجنة من الخبراء وأصحاب الإختصاص خلصوا إلى وضع خطة الهدف الأساسيّ منها الإنتقال بالأزمة الحاليّة إلى إدارة مُستدامة للنفايات الصّلبة في لبنان. وبالتالي فالخطة تضمّنت مرحلتين الأولى إنتقالية هدفها إزالة النفايات المتراكمة في الشوارع منذ أكثر من 75 يوم والتحضير في نفس الوقت للإنتقال إلى المرحلة المستدامة التي تقوم على اللامركزيّة في إدارة النفايات وحيث البلديات هي الجهّة الأولى المسؤولة عن إدارة هذا المرفق العام."
د. تيان
ثم كانت مداخلة د. أنطوان تيّان: البيئة من الإيمان … البيئة من الأخلاق، التربية البيئيّة في الرّسالة العامّة لقداسة البابا فرنسيس "كُنْ مُسبَّحاً" فقال:
"دقَّ قداسةُ البابا فرنسيس ناقوسَ الخطرِ في رسالتِه العامّة التي أطلقها في 18 حزيران 2015 بعدما تفاقمتِ الأزماتُ البيئيةُ المتتاليةُ والمتراكمة، والتي وحدَه الإنسانُ مسؤولٌ عنها نتيجةَ الإهمالِ واللامبالاة، الطمعِ وحبِّ الذات، بغيةَ الإستئثارِ بخيراتِ البيئة التي خلقها الله لنا، لنجعلَ فيها بيتَنا ولنتنعّمَ بخيراته، ولنستفيدَ من ثرواته التي وهبنا إيّاها اللهُ الخالقُ مجّانًا، نتوارثُها من جيل إلى جيل.
دورُنا الأساسيُ على الأرض، هو أن نعملَ بكلّ جُهدٍ ومسؤوليةٍ، وبكلّ ما أنعم اللهُ علينا من حكمةٍ وعلمٍ لنسخّرَهُ لخدمةِ الخليقة، كي تبقى البيئةُ بيتُنا المُشترك، مصدرَ تسبيحٍ وتمجيد لله الخالق.
مع التطور التكنولوجيّ والنوويّ وتحول المجتمع إلى مجتمع مستهلك جشع، تدهور الوضعُ البيئيّ وتفاقمتِ الأزماتُ البيئيّة، وبدأت الشّعوبُ ترزح تحت ثقلها وخصوصًا الفقيرة منها. لهذا السبب لم تجدِ الكنيسةُ سببًا في هذا العالم يجعلها تقفُ مكتوفةَ الأيدي غيرَ مُباليةٍ بما يُصيب الخليقةَ ويهدّد استمراريتَها.
يدعونا قداسة البابا فرنسيس اليومَ إلى التّحرك من أجل السّلام البيئيّ الشّامل. يدعونا لتغيير جذريّ في نمطِ عيشنا المستهلِك المفرِط والجشِع .... يدعونا إلى تجدّد روحيّ عميق.... إلى العبورِ من الاستهلاك إلى التضحية، ومن الجشع إلى السخاء، ومن الهدر إلى القدرة على المشاركة، في تزهُّدٍ "يعني تعلُّمُ العطاءِ وليس فقط مجردَ التَفضّل". إلى تربية وروحانيّة إيكولوجيّة، إلى تربيةٌ على العهد بين البشريّة والبيئة البيئة من الإيمان… البيئة من الأخلاق."
بيئات التربية متعدّدة: المدرسة، والعائلة، ووسائل التواصل، والتّعليم الدينيّ، وبيئات أخرى. إن تربية مدرسيّة جيّدة، في سنّ الطفولة والمُراهقة، تزرع بذورًا قد تُعطي ثمارًا على مدى الحياة. بيد أنّي أريد التأكيد على الأهميّة المركزيّة للأسرة، لأنّ الأسرة هي "مهد الحياة"، هبة الله، وحضنها اللائق، وحصنها ضد الأخطار الكثيرة المحيطة بها، وتشكّل الأسرة قلب ثقافة الحياة. في الأسرة، تترعرع أولى عادات المحبّة والاعتناء بالحياة، كما، على سبيل المثال، الاستعمال الصحيح للأشياء، والنظام والنظافة، واحترام النُظم الإيكولوجيّة المحليّة، وحماية جميع المخلوقات. إنّ الأسرة هي مكان التربيّة الشّاملة.
التربية ليست محصورة بالوالدين أو بأساتذة التربية إنّما الجميع هم في شراكة واحدة في العمل التربويّ والدّور الأساسيّ والرئيسيّ في هذا العمل هو لك يا امرأة...
فالمسؤوليةُ تقع علينا أوّلاً وعلى المسؤول ثانية. لم يعد من المسموح أن نقف موقفَ المُتفرّجِ على انهيار منزلنا الطبيعيّ الذي ائتُمِنَّا عليه من قبل الخالق. البيئةُ إرثُ أولادِنا من بعدِنا، لم يعد من المسموح أن نقف مكتوفي الأيدي مكبَّلين مكتفين برمي المسؤوليةِ على الغير وعلى الدولة بحجةِ عدم القدرة على فعل أي شيء مدّعين أنّنا من أصدقاء الطبيعة....
أذاً بعد هذه الرّسالة أصبح للبيئةِ مفهوم أشمل وأوسع. فهي كلُّ ما يحيط بنا من عناصرَ طبيعيّةٍ واجتماعيّةٍ وثقافيّة. لذلك فأيُّ خللٍ في إحدى عناصرِها يسبّب خللاً في توازنِها، ويهدّد حياةَ الإنسان ويجعلُها عرضةً للمخاطر والهلاك.
علينا ان نتذكّرَ دائمًا أنه لا يحقّ لنا تجاهلَ الآخر وإنّنا لسنا أسيادَ البيئة وليس لنا الحقّ في تشريعِ القوانين التي تلائم أهواءَنا وجشعَنا، وعلى الآخرين الخضوعَ لها، لأنّ هذا المنطق هو سببُ الدمار الشامل للبيئة الطبيعيّة والإجتماعيّة وسببُ فقدانِنا للسّلامِ الداخليّ والخارجيّ. فالشركةُ والمحبّةُ هي السّبيلُ الوحيد للحفاظ على بيتنا المُشترك."
الخوري أبو كسم
واختتمت الندوة بكلمة الخوري عبده أبو كسم فقال:
"الرسالة العامّة لقداسة البابا فرنسيس التي تحمل عنوان: "كن مُسبَّحًا" تسلّط الضّوء على أهمّ قضيّة في عصرنا الحالي، ألا وهي قضيّة البيئة إذ ينبّه قداسته إلى المخاطر الحقيقيّة التي تواجه العالم اليوم نتيجة الإستهلاك البشريّ والعشوائي للطاقات والثروات الطبيعيّة. دون النظر إلى ما يلحقه من ضرر على البيئة متناسيًا أنّ الثروات الطبيعيّة على أنواعها هي عطيّة من الله، وهي من صنع يديه، يجب المُحافظة عليها والإفادة منها دون أن نشوّه عطيّته هذه، لأنّ في ذلك ضررًا قد يشكل خللاً في المنظومة الطبيعيّة، إذ يتأثر المناخ ويكثر التلوث، وينعكس هذا الأمر على الخليقة كلّها، وهذا ما حذّر منه أيضًا قداسة البابا السّابق بنديكتوس السادس عشر، وإنّ ما يشهده عالم اليوم من التّغيير المناخي والكوارث الطبيعيّة خير دليل على ذلك.
إن قداسة البابا فرنسيس يدعونا إلى المحافظة على الخليقة وعلى احترام الكائنات البشريّة التي هي جزء أساس من هذه الخليقة والمحافظة عليها تقضي بمحاربة كلّ أشكال العنف والإتجار بالبشر، وبالمخدرات، لأنّ في ذلك نحمي الإنسان الذي أوكله الله المحافظة على خليقته وأتمنه على حماية بيئته التي يعيش فيها.
ونحن في لبنان يجب أن تكون هذه الرّسالة مصدر تأمّلٍ لنا كي نحافظ على ما تبقى لنا من بيئة نظيفة. فالإستهلاك العشوائي لمقدرات الطبيعة عندنا يتزايد في شكلٍ مستمرّ، من قطع الأشجار، إلى الحرائق المفتعلة للحصول على الحطب والفحم، إلى استبدال الأحراش، بكتل من الإسمنت تُعرف بتجارة الأبنية، إلى تلويث الينابيع والأنهار، وضرب المياه الجوفيّة بمياه الصّرف الصحيّ، إلى أزمة النفايات، كلّ هذا يشكّل خطراً على بيئتنا وأولادنا، وما نشهده من تلوّث من الانبعاثات الناتجة عن المعامل، كلّه يضرب صحّة المواطن ويُكثر من الأمراض السّرطانية.
من هنا، نحن ندقّ ناقوس الخطر، ونضع الجميع أمام مسؤوليّاتهم لكن في الوقت عينه يجب أن يكون كلّ مواطن خفير ومسؤول أمام الله وأمام ضميره فنشكّل إذاك حلقة متكاملة لحماية مجتمعنا وبيئتنا، وعسى أن تكون هذه الرّسالة منطلقاً جديداً من أجل بيئة تحمي الإنسان."
المركز الكاثوليكي للإعلام 1 تشرين الأول 2015 الساعة 12 ظهراً.
موقع زينيت.