"على الرَّاعي أن يكون شغوفًا، أن يعرف كيف يميِّز ويدين الشرّ" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان والتي توقّف خلالها عند صورة القدّيس بولس الرّسول ليعود ويتحدّث بعدها عن مثال الأب لورنزو ميلاني وقال ينبغي علينا نحن أيضًا على مثال كاهن رعيّة باربيانا أن نعتني بالقريب.
استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقـًا من رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل قورنتس (11/ 1-11) ليتوقّف عند الميزات التي ينبغي على الرّاعي أن يتحلّى بها. وجد الحبر الأعظم في القدّيس بولس صورة الرّاعي الحقيقيّ الذي لا يترك أبدًا خرافه، وبالتالي فالميزة الأولى هي أن يكون شغوفـًا، لدرجة أن يقول لشعبه، على مثال القدّيس بولس، "إِنّي أَغارُ عَلَيكُم غَيرَةَ الله". إنّه شغف قد يصبح "حماقة" بالنسبة لشعبه وهذه الميزة ندعوها الحماس الرَّسوليّ إذ لا يمكن للمرء أن يكون راعيًا حقيقيًّا بدون هذه النّار المُتّقدة في داخله. أمّا الميزة الأخرى التي ينبغي على الرَّاعي أن يتحلّى بها فهي التمييز، وبالتالي ينبغي عليه أن يكون رجلاً يعرف كيف يميِّز.
الرّاعي يعرف أنّ هناك إغراء في الحياة وأنَّ أب الكذب يحاول على الدّوام أن يُبعدنا عن الأمانة؛ ولذلك أراد بولس من خلال "غيرة الله" أن يقود الشّعب إلى زوج واحد وأن يحافظ الشّعب على أمانته. في تاريخ الخلاص، يصف الكتاب المقدّس، حالات عديدة للابتعاد عن الله وعدم الأمانة للرَّبِّ كما ولو أنّها خيانات زوجيّة.
لذلك فإن ميزات الرّاعي هي أوّلاً أن يكون شغوفًا ويتحلّى بالحماس، ثانيًا التمييز فيميّز المخاطر والنعم والدّرب الصّحيح. وهذا الأمر يعني أن يرافق الخراف على الدّوام في الأوقات الجميلة كما في الأوقات السيّئة، ويعيدهم بواسطة الصّبر إلى الحظيرة. أمّا الميزة الثالثة فهي القدرة على الإدانة.
لا يمكن للرَّسول أن يكون ساذجًا، لأنّه ينبغي عليه أن يدافع عن الزّوج الوحيد يسوع المسيح، وبالتالي عليه أن يعرف كيف يدين بشكل ملموس أي أن يقول "لا" كما يقول الأهل لطفلهم عندما يبدأ بالدبيب ويتّجه نحو المقبس الكهربائي.
إنَّ الرَّاعي الصَّالح يعرف كيف يدين ويسمّي الأمور بأسمائها تمامًا على مثال القدّيس بولس. وفي هذا السياق تحدّث الأب الأقدس عن الأب لورنزو ميلاني وأشار إلى شعاره الذي كان يعلّم به الشّباب وهو "I care" أي أنا أهتمّ وبهذه الطريقة علّمهم أنّه ينبغي عليهم أن يأخذوا الأمور على محمل الجد ويعتنوا بحياتهم. وبالتالي ينبغي على الرّاعي أن يعرف كيف يدين ما يتعارض مع الحياة، وغالبًا ما نفقد هذه القدرة على الإدانة ونسير قدمًا بسذاجة وطيبة مُفرطة تلك التي تقبل بالمساومات.
إنّ القدّيس بولس الرَّسول الشَّغوف والغيور، الميزة الأولى، هو رجل يعرف كيف يميّز لأنّه يعرف أنّ الشيطان يخدع ويغوي وهذه الميزة الثانية، ورجل يملك القدرة على إدانة الأمور التي تسبب الأذى لخرافه وهذه الميزة الثالثة. وخلص البابا فرنسيس رافعًا الصّلاة على نيّة جميع الرُّعاة في الكنيسة لكي يشفع بهم القديس بولس عند الرَّب ويكونوا رعاة يتمتّعون بهذه الصِّفات ليخدموا الرَّبّ.
إذاعة الفاتيكان.