أجرت مجلة "Die Zeit" الألمانيّة مقابلة حصريّة مع البابا فرنسيس تطرّق فيها إلى أزمة الدّعوات والنموّ في الإيمان وعدم الخوف من الحقيقة، كما تحدّث البابا عن زياراته وسفراته المقبلة.
في جوابه على سؤال حول إن كان يشعر بثقل انتظارات الناس منه قال البابا
أنا مجرّد خاطئ، شخص عادي يقوم بما بوسعه، أعتقد أن انتظارات الأشخاص مُبالغ فيها بعض الشيء وبالتالي لا يجب أن ننسى أبدًا أن جعل شخصًا ما مثاليًّا هو نوع من التعدّي الخفيّ وعندما يجعلني الناس مثاليًّا أشعر بأنّ قد تمّ التعدّي عليَّ؛
بعدها سأله الصحافي إن كان يتأذّى من الاعتداءات التي يتعرّض لها من داخل الفاتيكان، فأجاب البابا
لا! ومنذ أن تمّ انتخابي حبرًا أعظم لم أفقد سلامي أبدًا. أفهم جيدًّا أنّ أسلوبي في التصرّف قد لا يُعجب الجميع، وهذا أمر طبيعيّ لأنّ هناك العديد من الأساليب في التفكير وهذا الأمر بشريّ ويُشكّل غنى كبيرًا.
أمّا في جوابه على سؤال حول أزمة الدّعوات قال الأب الأقدس إنّها مشكلة كبيرة وخطيرة، إذ حيث لا يوجد كهنة لا يوجد إفخارستيا والكنيسة بدون الإفخارستيا تفقد قوّتها: لأنّ الكنيسة تصنع الإفخارستيا ولكنَّ الافخارستيا تصنع الكنيسة. وبالتالي فإن غياب الدّعوات الكهنوتيّة هو نتيجة غياب الصّلاة. أضف إلى ذلك مشكلة انخفاض الولادات، كما أنّه ذات أهميّة كبيرة العمل مع الشباب ولكن ينبغي علينا أن نتجنّب "الاقتناص"، في الواقع من الأهميّة بمكان أن يُصار إلى تمييز جيّد لأنّها إن لم تكن دعوة حقيقيّة فسيتألّم الشّعب بسببها.
وفي جوابه على سؤال حول الأوقات الصّعبة التي عاشها أكّد البابا فرنسيس أنّه عاش بعض الأوقات المظلمة والفارغة ولم يكن يفهم ما كان يحصل وأنّه قد عاش أيضًا حالات سيئة بسبب الخطيئة جعلته يغضب من الله أحيانًا وقال مبتسمًا: "لقد كنت أغضب في السّابق أمّا الآن فقد اعتدت على الأمر، ومن ثمَّ كما نعرف إنّ الرَّبّ يحبّ الخاطئين أكثر من غيرهم والأزمات التي نعيشها تكون في سبيل نموِّنا في الإيمان، لا يمكننا أن ننمو أبدًا بدون أزمات. الأزمة هي جزء من الحياة والإيمان الذي لا يختبر الأزمة لا ينمو ويبقى طفوليًّا ولا ينضج، حتى بطرس تعرّض لأزمة كبيرة ونكر يسوع ولكنّه أصبح حبرًا أعظم بعدها! وسأله الصحافي في هذا السياق كيف يمكن للمرء أن يعود إلى الإيمان فقال إن الإيمان عطيّة تُمنح لنا، نحن نطلبها والربّ يمنحنا إيّاها ولكن ينبغي عليك أحيانًا أن تنتظر وهذه تكون مرحلة الأزمة.
وفي جوابه على سؤال حول البحث اللاهوتيّ تحدّث الحبر الأعظم عن ضرورة وأهميّة الأسلوب التاريخي-النقدي وحثّ على عدم الخوف من الحقيقة التاريخيّة لأنّ الخوف يُغلق لنا الأبواب أمّا الحريّة فتُشرِّعُها لنا. وفي هذا السياق سأله الصحافيّ إن كان الإنسان صالح أو شرّير بطبيعته؟ فأجابه البابا مؤكِّدًا أنّ الإنسان هو صورة الله وهو صالح؛ ولكنّه تعرّض للتجربة وجرحته الخطيئة وبالتالي فصلاحه مجروح وضعيف. أمّا الشرُّ فهو أمر آخر وهو سيّئ. فآدم، على سبيل المثال، لم يكن شرّيرًا بل ضعيفًا وقد جرّبه الشيطان؛ أمّا أول عمل شرّير فقد قام به ابنه قايين: لم يقتل بسبب ضُعفه وإنّما بسبب الغيرة والحسد ولأنّه كان يسعى إلى السّلطة... هذا هو شرُّ الحرب! وهذا الشرّ نجده اليوم في الأشخاص الذين يقتلون الآخرين وفي الذين يصنعون الأسلحة.
وفي ختام المقابلة أجاب الأب الأقدس على سؤال حول زياراته المقبلة وأكّد أن زياراته المقبلة ستكون إلى الهند وبنغلادش وكولومبيا وفاطيما وأشار إلى احتمال زيارة إلى مصر أيضًا ولكنّها لا تزال قيد الدرس.
إذاعة الفاتيكان.