ما هي مسيرة الارتداد في زمن الصوم؟

متفرقات

ما هي مسيرة الارتداد في زمن الصوم؟

 

 

 

 

 

 

 

الابتعاد عن الشرّ وتعلّم صنع الخير والسماح للرب بأن يحملنا قدمًا: هذه هي مسيرة الارتداد في زمن الصوم التي أشار إليها البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الثلاثاء في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان، وحث البابا المؤمنين قائلاً إنَّ هذا الارتداد لا يظهر في الكلام وإنما في الأمور الملموسة.

 

رسم البابا فرنسيس درب الارتداد في زمن الصوم انطلاقًا من كلمات النبي أشعيا(1/ 16 -20): "أزيلوا شر أفعالكم من أمام عيني... تَعَلَّموا الإِحسان، وَالتَمِسوا الإِنصاف"

 

وقال: يوميًّا يقوم كل واحد منا بتصرّف سيء، في الواقع يقول لنا الكتاب المقدّس إن البار يخطئ سبع مرات في اليوم لكن المشكلة ليست في ارتكاب الخطأ وإنما في الاعتياد على العيش في الأمور السيئة ولذلك ينبغي علينا أن نبتعد عن الأشياء التي تُسمّم النفس، ونتعلّم صنع الخير.

 

إن صنع الخير ليس سهلاً ولذلك علينا أن نتعلّمه على الدوام، والرب يعلّمنا إياه تمامًا كالأطفال، ففي الحياة المسيحيّة هناك ما نتعلّمه يوميًّا، لا بل ينبغي علينا أن نتعلّم يوميًّا لنصبح أفضل من اليوم الذي مضى. علينا أن نبتعد عن الشرّ ونتعلّم صنع الخير هذه هي قاعدة الارتداد، لأن الارتداد لا يتمُّ بالذهاب إلى جنيّة ما تحوّلنا بواسطة عصاها السحريّة؛ لا!! الارتداد هو مسيرة، مسيرة ابتعاد وتعلُّم.

 

 لذلك نحن بحاجة للشجاعة للابتعاد وللتواضع لتعلّم صنع الخير الذي يظهر في الأعمال الملموسة، وفي قراءة أشعيا(1/ 16 -20) يقدّم لنا الرب ثلاثة أمور ملموسة: "أَغيثوا ٱلمَظلوم، وَأَنصِفوا ٱليَتيم، وَحاموا عَنِ الأَرمَلَة"... هناك غيرها بالتأكيد ولكننا نتعلّم صنع الخير من خلال الأعمال الملموسة وليس بالكلام؛ ولذلك سمعنا يسوع – في إنجيل (متى23/ 1-12) يوبِّخ الكتبة والفرّيسيين لأنَّهُم يَقولونَ وَلا يَفعَلون، هم لا يعرفون معنى الأمور الملموسة، والارتداد لا يتمُّ إلا من خلال الأمور الملموسة.

 

 وتتابع قراءة أشعيا بدعوة الرب القائل: "هلموا! تَعالَوا نَتَحاجَج"، "هلموا": إنها كلمة جميلة، وقد وجّهها يسوع أيضًا للمخلّع ولابنة يائيرس وابن أرملة نائين، والرب يمدُّ لنا يده لننهض. هو متواضع جدًّا إذ ينزل إلينا ويقول لنا: "هلموا! تعالوا نتحاجج". وهكذا يساعدنا الله، يسير معنا ويشرح لنا الأمور ويمسكنا بيدنا. إنَّ الرب قادر على القيام بهذه المعجزة أي على تغييرنا، بالتأكيد ليس بين ليلة وضُحاها وإنما خلال المسيرة.

 

 هذه هي الدعوة إلى الارتداد: "أزيلوا شر أفعالكم من أمام عيني... تَعَلَّموا الإِحسان، وَالتَمِسوا الإِنصاف... هلموا! تَعالَوا نَتَحاجَج" وإن كانت خطاياك كثيرة فلا تقلق لأن الرب يقول لنا "لَو كانَت خَطاياكم كالقِرمِزِ تَبيَضُّ كالثَّلج ولو كانَت حَمراءَ كَصَبغ الدّود تَصيرُ كالصُّوف". هذه هي درب الارتداد في زمن الصوم، إنها بسيطة جدًّا! والله أب يكلّمنا ويحبّنا لا بل يرافقنا في مسيرة الارتداد هذه، لكنّه يطلب منا فقط أن نكون متواضعين لأنه وكما يقول للكتبة والفريسيين: "مَن رَفَعَ نَفسَهُ وُضِع، وَمَن وَضَعَ نَفسَهُ رُفِع". هذه هي مسيرة الارتداد: الابتعاد عن الشرّ وتعلّم صنع الخير والنهوض للسير معه فتُغفر عندها خطايانا كلّها!               

 

إذاعة الفاتيكان.