"محبّة يسوع لا تعرف الحدود وليست كأشكال الحبّ الدّنيويّ التي تسعى إلى السّلطة والغرور" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان وسلّط الأب الأقدس الضّوء فيها على أنّ رسالة المسيحيّ هي أن يُعطي الفرح للنّاس وذكّر في هذا السِّياق أنَّ محبّة الله هي نواة حياة المسيحيّ.
"كما أَحَبَّني الآب فكذلكَ أَحبَبتُكم أَنا أَيضًا" (يو15/ 9) استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقـًا من قول يسوع هذا الذي يسلّط الضّوء على محبّته اللامتناهيّة لنا وقال إنّ الرّبّ يطلب منّا أن نثبت في محبّته لأنّها محبّة الآب ويدعونا لنحافظ على وصاياه. إنّ الوصايا العشرة هي الأساس بالتأكيد ولكن علينا أن نتبع أيضًا جميع الأمور التي علّمنا يسوع إيّاها أي وصايا الحياة اليوميّة التي تمثّل أسلوب الحياة المسيحيّ.
إنّ لائحة وصايا يسوع طويلة جدًّا ولكن نواتها وصيّة واحدة: "كما أَحَبَّني الآب فكذلكَ أَحبَبتُكم أَنا أَيضًا"؛ هناك أنواع حبّ أخرى، والعالم يقدّم لنا أيضًا أنواع أخرى: حبّ المال على سبيل المثال وحبّ الغرور والتبختر، حبّ الكبرياء وحبّ السّلطة الذي يدفع المرء للقيام بأعمال ظالمة للحصول على السّلطة... أنواع الحبّ هذه جميعها ليست من يسوع ولا من الآب؛ هو يطلب منّا فقط أن نثبت في محبّته التي هي محبّة الآب. لنفكّر إذًا بأنواع الحبّ هذه التي تبعدنا عن محبّة يسوع. هناك أيضًا معايير ومقاييس للحبّ ولكنّها ليست المحبّة التي يتحدّث عنها يسوع.
فما هو إذًا مقياس المحبّة؟ "مقياس المحبّة هو المحبّة بلا حدود" وعندما نعيش الوصايا التي أعطانا يسوع إيّاها نثبُت في محبّة يسوع التي هي محبّة الآب، محبّة بلا حدود وبدون مصالح. قد نسأل الرّبّ قائلين: "لماذا تذكّرنا يا ربّ بهذه الأمور؟" فيُجيبنا: "لِيَكونَ بِكُم فَرَحي فيَكونَ فَرحُكم تامًّا". إنَّ يسوع يعلّمنا درب المحبّة: القلب المفتوح والحبّ بلا حدود والابتعاد عن أنواع الحبّ الأخرى. لذلك فمحبّتنا الكبيرة له هي بالثبات في محبّته حيث سنجد الفرح، وبالتالي فالمحبّة والفرح هما عطيّة ينبغي علينا أن نطلبها من الرَّبّ.
منذ فترة قصيرة عيّن أحد الكهنة أسقفـًا، فذهب إلى أبيه المسنّ ليخبره؛ وكان أبوه رجلاً متواضعًا قد عمِل خلال حياته كلّها ولم يتعلّم أبدًا ولكنّه كان يملك حكمة الحياة فقدّم نصيحة لابنه قائلاً: "أطِع وأعطِ الفرح للنّاس". هذا الرّجل كان قد فهم ذلك: أطِع محبّة الآب بدون أنواع حبّ أخرى، أطع هذه العطيّة وأعطِ الفرح للنّاس، وعلينا نحن المسيحيِّين علمانيِّين وكهنة ومكرّسين وأساقفة أن نعطي الفرح للنّاس؛ لماذا؟ لأنّ هذه هي درب المحبّة التي لا تسعى عن أي مصلحة لها. رسالتنا المسيحيّة هي أن نُعطي الفرح للناس. ليحفظنا الرّبّ، كما طلبنا في الصّلاة، في عطيّة أن نثبت في محبّة يسوع لنتمكّن من أن نُعطي الفرح للنّاس.
إذاعة الفاتيكان.