ما هو معيار المحبّة المسيحيّة؟

متفرقات

ما هو معيار المحبّة المسيحيّة؟

 

 

 

ما هو معيار المحبّة المسيحيّة؟

 

 

"محبّة المسيحيّ هي حبٌّ ملموس وليست حبًّا عاطفيًّا كذلك الذي نشاهده في المسلسلات" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الجمعة في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان وحذّر المؤمنين من الإيديولوجيّات التي تجرّد الكنيسة من جسد المسيح، مذكِّرًا أنّ معيار المحبّة المسيحيّة هو تجسُّد الكلمة الإلهيّ.

 

حوار محبّة بين الرّاعي وعروسته الكنيسة! استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقـًا من رسالة القدّيس يوحنّا الثاني (1/ 4- 9)  ليتوقّف في تأمُّله الصباحي عند طبيعة المحبّة المسيحيّة مُذكِّرًا أنّ الوصيّة التي نلناها من الرّبِّ هي بأن نسلك في المحبّة، ولكن ما هي هذه المحبّة التي تُطلب منّا؟

 

 إنّها كلمة يتمُّ استعمالها لأمور كثيرة في أيّامنا هذه، نقرأ عنها في الكتب ونسمع عنها في المسلسلات ولكنّها تبقى على المستوى النظريّ. فما هو المعيار إذًا، ما هو معيار المحبّة المسيحيّة؟ إن معيار المحبّة المسيحيّة هو تجسُّد الكلمة الإلهيّ، وكلّ من يرفض هذا الأمر أو لا يعترف به فهو "المُضِلُّ المَسيحُ ٱلدَّجّال".

 

 

 المحبّة التي لا تعترف بأنّ يسوع قد تجسَّد وصار بشرًا ليست المحبّة التي يطلبها الله منّا، بل هي حبّ دنيوي وفلسفيّ، حبّ مُجرَّد وناقص، حبّ عاطفيّ. لا! إنّ معيار المحبّة المسيحيّة هو تجسُّد الكلمة الإلهيّ، ومن يقول أنّ المحبّة المسيحيّة هي غير ذلك فهو "المُضِلُّ المَسيحُ ٱلدَّجّال" الذي لا يعترف بأنّ الكلمة قد صار بشرًا. هذه هي حقيقتنا: الله قد أرسل ابنه، فتجسّد وعاش مثلنا وبالتالي ينبغي علينا أن نحبَّ كما أحبَّ يسوع، وكما علّمنا يسوع ومُتّبعين مثاله؛ علينا أن نحبَّ سائرين على درب يسوع، ودرب يسوع هي درب بذل الذات.

 

 الطريقة الوحيدة لنحبّ كما أحبَّ يسوع هي الخروج من أنانيّتنا والذهاب إلى خدمة الآخرين، وذلك لأنّ المحبّة المسيحيّة هي حبٌّ ملموس لأنّ حضور الله هو أيضًا ملموس في يسوع المسيح. وبالتالي حذّر البابا فرنسيس المؤمنين من الأشخاص الذين يذهبون أبعد من التجسّد لأنهم بهذه الطريقة يخرجون عن عقيدة المسيح ويفقدون الله، هذا الذهاب أبعد هو ابتعاد عن سرّ تجسّد الكلمة وعن سرّ الكنيسة، لأنّ الكنيسة هي الجماعة التي تجتمع حول المسيح. ومن هذا الذهاب أبعد تولد جميع الإيديولوجيّات حول الحبّ وحول الكنيسة والإيديولوجيّات التي تجرّد الكنيسة من جسد المسيح.

 

إنّ الذي لا يحبّ كما أحبّ المسيح الكنيسة باذلاً ذاته عنها فهو شخص يحبّ بشكلٍ إيديولوجيٍّ فقط، وهذا الأسلوب في الأفكار والإيديولوجيّات التي تجرّد الكنيسة من جسد المسيح يدمِّر الجماعات ويدمِّر الكنيسة، عندما نبدأ بوضع النظريّات حول الحبّ نصل إلى مرحلة معيّنة فنبدأ بـ "تحويل" ما أراده الله من خلال تجسُّد الكلمة الإلهيّ ونصل إلى إله بدون مسيح، ومسيح بدون كنيسة وكنيسة بدون شعب.

 

 لنصلِّ إلى الرّبّ لكي لا تكون مسيرتنا في المحبّة مسيرة محبّة مجرّدة أبدًا، وإنّما أن تكون محبّة ملموسة من خلال أعمال الرّحمة التي تلمس جسد المسيح، المسيح المتجسّد. فلهذا السبب بالذات قال الشماس القدّيس لورنسيوس إنّ الفقراء هم كنز الكنيسة! لماذا؟ لأنّهم جسد المسيح المُتألِّم! لنطلب هذه النعمة بألا نذهب أبعد من تجسّد الكلمة الإلهيّ وألا ندخل في مسيرة ربما تُغري العديد من الأشخاص، مسيرة تحويل الحبّ إلى أمر مثاليٍّ وفكري فنجرّد الكنيسة من جسد المسيح والمحبّة المسيحيّة من معناها. 

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.