ما الذي يُسبب الكثير من الألم للكنيسة؟

متفرقات

ما الذي يُسبب الكثير من الألم للكنيسة؟

 

 

 

 

ما الذي يُسبب الكثير من الألم للكنيسة؟

"لنطلب من الرَّبِّ نعمة أن يُليّن القلوب القاسية المغلقة في الشّريعة والتي تدين كلّ شيء" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الثلاثاء في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان.

 

قال الأب الأقدس لقد كان اسطفانوس شاهدًا للطاعة على مثال يسوع الذي أطاع حتى الموت ولذلك تعرّض للإضطهاد. استهلّ الحبر الأعظم عظته انطلاقـًا من كتاب أعمال الرسل (1a:8.60-51:7) والتي تتحدّث عن استشهاد اسطفانوس وقال إن الذين رجموا اسطفانوس لم يفهموا كلمة الله، ولذلك دعاهم اسطفانوس "غلاظ الرِّقاب" و"غُلفَ القُلوبِ والآذان" أي كمن يصفهم بالوثنيّين، وفي هذا السّياق دعا البابا فرنسيس المؤمنين للتأمّل حول الأشكال المتعدِّدة لعدم فهم كلمة الله.

 

على سبيل المثال يدعو يسوع تلميذيّ عمّاوس (لو24/ 13-35) "قَليلَيِ الفَهمِ"، لكنّه ليس تعبيرًا قويًّا كذلك الذي يستعمله اسطفانوس للشَّعبِ والشُّيوخِ والكَتَبَة، لم يفهم التلميذَان وكانا خائفين لأنّهما أرادا الابتعاد عن المشاكل، ولكنّهما كانا صالحَين ومنفتحَين على الحقيقة، وعندما وبّخهما يسوع سمحا لكلماته بالدّخول إلى قلبيهما لتدفئانهما؛ أمّا الذين رجموا اسطفانوس فكانوا ثائرين وغاضبين ولم يكونوا يريدون أن يصغوا أبدًا، وهذه هي مأساة انغلاق القلب والقلب القاسي.

 

 

في المزمور الرّابع والتسعين يوبّخ الرَّبُّ شعبه ويحثّه كي لا يقسّي قلبه ويعده من بعدها مع النبي حزقيال بأنّه سيغيّر له قلب الحجر ويُعطيه قلبًا من لحم أي قلبًا يعرف كيف يُصغي وينال شهادة الطاعة.

 

وهذا ما يُسبب الكثير من الألم للكنيسة: القلوب المغلقة وقلوب الحجر والقلوب التي لا تريد أن تنفتح ولا أن تصغي والقلوب التي تعرف فقط لغة الحكم والإدانة. والتوبيخ الذي يوجّهه لهم يسوع أيضًا هو أنّهم قتلوا الأنبياء لأنّهم لم يطيقوا سماع كلامهم، في الواقع أضاف الحبر الأعظم يقول إنّ القلب المُغلق لا يسمح للرُّوح القدس بأن يدخل إليه.

 

لم يكن في قلبهم مكانًا للرُّوح القدس؛ وتقول لنا القراءة من كتاب أعمال الرُّسل أنَّ اسطفانوس كان ممتلئًا من الرُّوح القدس وكان قد فهم كلّ شيء وبالتالي لقد كان شاهدًا لطاعة الكلمة الذي صار جسدًا وهذا هو عمل الرُّوح القدس. واسطفانوس كان ممتلئًا من الرذُوح القدس!

 

 إنّ القلب المُغلق والقلب العنيد والقلب الوثنيّ لا يسمح للرُّوح القدس بالدّخول إليه لأنّه يشعر بأنّه مكتفٍ بذاته، وتلميذا عمّاوس هما كلّ فرد منّا بشكوكه وخطاياه الكثيرة والذي غالبًا ما يريد أن يبتعد عن الصَّليب والتجارب؛ لكن ينبغي علينا أن نفسح المجال كي نصغي إلى يسوع ونسمح له بأن يُدفئ قلوبنا. فيسوع يكلّم الذين ينغلقون في قساوة الشّريعة والذين لا يريدون الإصغاء ويقول لهم أمورًا أسوأ من تلك التي قالها اسطفانوس للشّعب والشيوخ.

 

وختم الأب الأقدس عظته مُشيرًا إلى حدث المرأة الزانية (يو 8/ 3- 11) التي كانت خاطئة وقال كلّ فرد منّا يدخل في الحوار بين يسوع والزّانية ضحيّة القلوب المتحجّرة، ويُجيب يسوع الذين كانوا يريدون رجمها داعيًا إيّاهم كي ينظر كلّ واحد منهم إلى نفسه قائلاً: "مَن منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر!" ونحن اليوم ننظر إلى حنان يسوع هذا وإلى شاهد الطاعة! 

ويسوع هذا الشّاهد العظيم الذي بذل حياته يجعلنا نرى حنان الله تجاهنا وإزاء خطايانا وضعفنا.

 

لندخل إذًا في هذا الحوار ولنطلب من الرَّبِّ نعمة أن يليّن القلوب القاسية لهؤلاء الأشخاص المنغلقين في الشّريعة والذين يدينون كلّ ما هو خارج هذه الشّريعة. هؤلاء الأشخاص لا يعرفون أنّ الكلمة صار جسدًا وأنّ الكلمة هو شاهد الطاعة كما لا يعرفون أيضًا أنّ حنان الله قادر على أن ينتزع منّا قلب الحجر ليضع مكانه قلبًا من لحم! 

 

 

إذاعة الفاتيكان.