التأمّل الثامن للأب إرميس رونكي صباح الخميس في الرّياضة الرّوحيّة التي يقيمها بمشاركة الأب الأقدس وأعضاء الـ "كوريا" الرّومانيّة في بلدة أريتشا القريبة من روما.
توقـّف الأب إرميس رونكي عند إنجيل القيامة وبالتّحديد عند سؤال يسوع لمريم المجدليّة: "لِماذا تَبْكينَ، أَيَّتُها المَرأَة، وعَمَّن تَبحَثين؟" ليشرح بعدها تصرّف الله إزاء ألم الإنسان.
فيسوع القائم من الموت هو إله الحياة ويهتمّ بدموع المجدليّة؛ على الصّليب اهتمّ يسوع بألم اللّص وفي أوّل ساعات الصّباح يوم القيامة يهتمّ بدموع محبّة مريم ولماذا؟ هذا أسلوب يسوع، رجل اللّقاء، لا يتوقـّف أبدًا عند خطيئة الإنسان وإنّما عند ألمه وحاجته.
بالنظر إلى تصرّفات يسوع نرى أنّها تصرّفات السّامريّ الصّالح يرى يتوقف ويلمس، أفعال لا ينبغي علينا أن ننساها أبدًا، ففي مشاهد عديدة من الإنجيل يرى يسوع الألم البشريّ ويشعر بالشّفقة، وبالتالي فالشفقة الحقيقيّة ليست شعورًا وحسب وإنّما هي ما يدفع السّامريّ الصّالح لكي لا يعبُر ويتابع طريقه كالكاهن واللاوي، وكذلك فالفرق الحقيقيّ ليس بين الذي يؤمن والذي لا يؤمن وإنّما بين الذي يتوقـّف أو لا يتوقـَّف عند جِراح الآخرين وألمهم.
في كلّ مرّة يشعر يسوع فيها بالشّفقة يلمس، لمس الأبرص وشفاه ولمس ابن أرملة نائين وأقامه من الموت. فالنظر بدون القلب يسبِّب الظلم، ويحوّل الضحايا إلى مذنبين.
أمّا إن مسحتُ دمعة ً ربما لن أغير العالم وهذا أمر صحيح ولكنّني أكون قد وضعت في ذهني فكرة أنّ الجوع ليس أمرًا لا يمكن التغلّب عليه، وبأنّ لدموع الآخرين حقّ على كلِّ فرد منّا، وبأنّني لا أترك معوزًا على الهامش وبأنّ المشاركة هي أكبر تعبير عن الإنسانيّة، لأنّ الرّحمة هي أكثر ما هو جوهريّ لحياة الإنسان.
إذاعة الفاتيكان.