"لا نكونَنَّ أبدًا حجر عثرة للصغار من خلال حياتنا المزدوجة لأن هذا الأمر يدمّر" هذه هي الدعوة التي وجّهها قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وحث المؤمنين على عدم تأجيل التوبة والإرتداد.
قال الأب الأقدس َإِذا كانَت رِجلُكَ سَبَبَ عَثرَةٍ لَكَ فَاقطَعها، وَإِذا كانَت عَينُكَ سَبَبَ عَثرَةٍ لَكَ فَٱقلَعها، ولكن لا تكن أبدًا حجر عثرة للصغار أي للأبرار، أولئك الذين يتَّكِلون على الرب ويؤمنون به بكل بساطة. استهلّ البابا فرنسيس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجية اليوم من القديس مرقس(9/ 41- 50) وقال أن يكون المرء حجر عثرة للآخرين هو بالنسبة للرب سبب للدمار.
لكن ما معنى أن يكون المرء حجر عثرة؟ أن يكون المرء حجر عثرة يعني أن يقول شيئًا ويتصرّف بعكسه؛ إنها الحياة المزدوجة! الحياة المزدوجة في كل شيء؛ على سبيل المثال أنا كاثوليكي وأشارك دائمًا في الذبيحة الإلهيّة وأنتمي إلى إحدى المنظّمات ولكنَّ حياتي بعيدة كل البعد عن الحياة المسيحيّة لأنني لا أدفع لموظفيّ الراتب الذي يحقُّ لهم به وأستغل الأشخاص وأقوم بأعمال غير نزيهة وأبيّض الأموال... هذه هي الحياة المزدوجة. وهناك العديد من الكاثوليك الذين يعيشون على هذا الشكل وهم يشكِّلون حجر عثرة للآخرين.
كم من مرّة نسمع بعض الأشخاص يقولون – في الحيّ أو في مكان آخر – "أُفضِّل أن أكون ملحدًا على أن أكون كاثوليكيًّا كهذا الشخص!" هذا الأمر يدمّر ويحطِّم ويحصل يوميًّا أيضًا يكفي أن نشاهد نشرة الأخبار أو أن نقرأ الصحف؛ ففي الصحف نجد جميع هذه الأمور اللاأخلاقيّة والتي تُدمِّر. وتحدّث البابا في هذا السياق عن شركة مهمّة كانت على هاوية الإفلاس والفشل. وأراد المدراء أن يتجنّبوا إضرابًا نزيهًا لأنه ما كان ليساعد الوضع وحاولوا أن يتحدّثوا مع رئيس الشركة لأنّهم لم يعد لديهم المال والعمال لم ينالوا أجورهم ولكن رئيس الشركة كان في رحلة نقاهة على إحدى الشواطئ.
هكذا يكون المرء سبب عثرة. ويسوع، في الإنجيل وبدون أن يقول أي كلمة عن الأشخاص الذين يكونون حجر عثرة لغيرهم يفهمنا أنّ هؤلاء الأشخاص عندما سيصلون إلى السماء ويقرعون الباب قائلين: افتح لي يا رب هذا أنا! ألا تذكرني. لقد كنت أذهب دائمًا إلى الكنيسة وكنت عضوًا في تلك المنظّمة... وقدّمت تبرعات كثيرة. سيجيبه الرب: "نعم أذكرك وأذكر تبرعاتك بالأموال غير النزيهة التي سرقتها من الفقراء، ولذلك إذهب عني فأنا لا أعرفك" هذا سيكون جواب يسوع لهؤلاء الأشخاص، حجار العثرة الذين يعيشون حياة مزدوجة.
الحياة المزدوجة هي ثمرة إتباع شهوات القلب والخطايا الجوهريّة أي الجراح التي نحملها بسبب الخطيئة الأصليّة. والقراءة الأولى التي تقدّمها لنا الليتورجيّة اليوم من سفر يشوع بن سيراخ (5/ 1 -10) تحذّرنا قائلة: "لا تَعتَدَّ بِأَموالِكَ، وَلا تَقُل: "لي بِها كِفايَة". لا تَتبَع هَواكَ وَلا قُوَّتَكَ، لِتَسيرَ في شَهَواتِ قَلبِكَ"
ولذلك حثّ الأب الأقدس المؤمنين على عدم تأجيل التوبة والإرتداد إلى الغد وقال: سيساعدنا جميعًا اليوم أن نفكّر إن كنا نعيش حياة مزدوجة أي أن نعمل للظهور أبرارًا ومؤمنين صالحين فيما نقوم بالخفاء بأمور أخرى لا تتوافق مع حياتنا، ولنفكّر أيضًا إن كنا نتحلّى بثقة مُفرطة بأنّ الله سيسامحنا فيما لا نزال نسير في دربنا المعوّج ونؤجِّل توبتنا وارتدادنا إلى الغد... لنفكّر بهذه الأمور كلها ولنستفد من كلمة الرب لنا ولنتأمل بأن الرب سيكون قاسيًا في ما يتعلّق بهذه الأمور.
إذاعة الفاتيكان.