"التواضع هو موهبة جوهريّة في حياة المسيحيّ" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح يوم الثلاثاء في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان والتي استهلّها من القراءة من سفر النبي أشعيا (11/ 1 -10) وذكّر البابا في هذا السياق أنّ المسيحيّ هو نبتة صغيرة يحلُّ عليها "روحُ الرَّبّ: روحُ الحِكمَةِ والفَهم، روحُ المَشورَةِ والقُوَّة، روحُ العِلم وتَقوى الرَّبّ، وَتَتَنَعَّم بِمَخافَةِ الرَّبّ". هذه هي مواهب الرّوح القدس، وبالتالي فالمسيرة هي من صغر النبتة إلى ملء الرّوح. هذا هو الوعد وهذا هو ملكوت الله، وهذه هي حياة المسيحيّ.
ولذلك ينبغي على كلِّ فرد منّا أن يدرك أنّه نبتة لذلك الجذر وينبغي عليها أن تنمو بقوّة الرّوح القدس إلى أن يبلغ الرّوح القدس ملأه فينا. وما هو واجب المسيحيّ إذًا؟ ببساطة إنّه الحفاظ على هذه النبتة التي تنمو في داخلنا، أن نحافظ على نموّها ونحافظ على الرّوح القدس.
وما هو أسلوب حياة المسيحيّ؟ إنّه أسلوب يشبه أسلوب يسوع، إنّه أسلوب تواضع. نحن بحاجة للإيمان والتواضع لكي نؤمن أنَّ هذه النبتة، هذه العطيّة الصغيرة ستبلغ ملء مواهب الرّوح القدس.
نحن بحاجة للتواضع كي نؤمن أنَّ الآب ربّ السماء والأرض كما يقول إنجيل لوقا (10/ 21 -24) قد أخفى هذِه الأَشياءَ على الحُكَماءِ والأَذكِياء، وَكَشَفها لِلصِّغار. التواضع هي أن يكون المرء صغيرًا تمامًا كالنبتة الصغيرة التي تنمو يوميًّا وتحتاج للرّوح القدس لكي تتمكّن من المضيِّ قدمًا نحو ملء حياتها.
هناك من يعتقد أنّ التواضع يعني أن أكون مهذّبًا ومؤدَّبًا وأغلق عينيّ عندما أصلّي...
لا التواضع ليس هذا أبدًا! كيف يمكنني إذًا أن أعرف إن كنتُ متواضعًا؟ هناك علامة، علامة واحدة وهي قبول الإهانات، لأنّ التواضع بدون الإهانات ليس تواضعًا. المتواضع هو الشّخص القادر على تحمُّل الإهانات كما تحمّلها يسوع المُهان بامتياز.
أضاف الحبر الأعظم مذكّرًا بمثال العديد من القدّيسين الذين لم يقبلوا الإهانات وحسب بل طلبوها لكي يتشبّهوا أكثر بيسوع وختم البابا فرنسيس عظته بالقول ليعطنا الرَّبُّ هذه النعمة بأن نحافظ على الصغير لكي يبلغ ملء الرّوح القدس وألا ننسى جذورنا ونقبل الإهانات.
إذاعة الفاتيكان.