كيف وصف البابا هوية و خدمة الكهنة؟

متفرقات

كيف وصف البابا هوية و خدمة الكهنة؟

 

 

 

 

 

 

استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم السبت في قاعة كليمينتينا في القصر الرّسوليّ بالفاتيكان جماعة إكليريكيّة بيّوس الحادي عشر الحبريّة في إقليم بوليا في إيطاليا برفقة أساقفة هذا الإقليم وسلّمهم الأب الأقدس كلمة كان قد أعدّها لهذه المناسبة كتب فيها:

 

 

أريد أن أستعيد معكم بشكل مقتضب ما قلته خلال جمعيّة أساقفة إيطاليا في الربيع الماضي حول هويّة وخدمة الكهنة. في تلك المناسبة وصفت خدمة الكاهن من خلال انتماء ثلاثيّ: للربّ، للكنيسة وللملكوت.

 

وهذا الإنتماء لا يُرتجَل بالتأكيد ولا يولد بعد السيامة الكهنوتيّة وإنّما – وخلال سنوات الإكليريكيّة – يتمّ تعزيزه والحفاظ عليه وتنميته باهتمام وحسِّ مسؤوليّة. لذلك أريد اليوم أن أستفيد من زيارتكم لأستعيد هذا التأمّل الذي أعتبره مهمًّا أيضًا بالنسبة للإكليريكيّين الشباب الذين يستعدّون ليصبحوا كهنة.

 

 إنّ كلمة "إنتماء" أوّلاً تحمل في داخلها فكرة أن يشعر المرء بأنّه جزء من شيء ما، وبالتالي فإن كنا نشعر بأنّنا جزء من المسيح والكنيسة والملكوت فسنسير جيّدًا خلال سنوات الإكليريكيّة. لنفهم هذا الأمر كلّه ينبغي علينا أن نرفع نظرنا ونتوقّف عن اعتبار أنفسنا محورًا لحياتنا، لأنّ العائق الأوّل الذي ينبغي علينا تخطّيه هو النرجسيّة. إنّها التجربة الأخطر لأنّ كلُّ شيء لا يبدأ وينتهي معي وبالتالي يمكنني ويجب عليّ أن أنظر أبعد من ذاتي كي أتنبّه لجمال وعمق السرّ الذي يحيط بي وبحياتي لا بل ويتخطاني، وإلى الإيمان بالله الذي يعضد كلّ شيء وكلّ إنسان بما فيهم أنا.

 

فكيف يمكنني إذًا أن أتنبّه للمسيح إن كنت أنظر إلى ذاتي فقط؟

 

كيف يمكنني أن أتذوّق جمال الكنيسة إن كان اهتمامي الوحيد الحفاظ على نفسي والخروج سليمًا من جميع الأوضاع؟

 

كيف يمكنني أن أتحمّس لمغامرة بناء ملكوت الله إن كان هذا الحماس يكبحه الخوف من أن أفقد شيئًا من ذاتي؟

 

في زمن المجيء هذا، الذي يجعل صدى دعوة الربّ للسَّهر يتردّد، نحن مدعوّون لنتنبّه من خطر أن نصبح نرجسيِّين لأنّه بدون هذا التنبّه والسّهر تصبح كلّ مسيرة دعوة مستحيلة حقًّا.

 

 الانتماء يعني القدرة على الدخول في علاقة؛ وبالتالي ينبغي علينا أن نستعدّ أوّلاً لنكون رجال علاقات مع المسيح ومع الإخوة الذين نتشارك معهم الخدمة والإيمان وجميع الأشخاص الذين نلتقي بهم في حياتنا.

 

ولكي نعرف كيف نعيش العلاقات بشكل جيّد ينبغي علينا أن نبدأ بعيشها في الإكليريكيّة! لا يمكننا أن نفكّر بأن نسير نحو الكهنوت بدون أن نكون قد اتّخذنا هذا القرار في قلوبنا: أريد أن أكون رجل علاقات. ليكُن إذًا هذا الاهتمام الأوّل خلال هذه السنوات وأول أهداف التنشئة.

 

وفيما تمرّ السنوات وتقترب السيامة الكهنوتيّة، يمكنني أن أتأكّد فعلاً إن كانت قدرتي على التواصل مع الآخرين قد نمت ونضِجت. فبناء الجماعة التي ينبغي عليكم أن تقودوها ككهنة يبدأ في الحياة اليوميّة في الإكليريكيّة فيما بينكم ومع الأشخاص الذين تلتقون بهم خلال مسيرتكم.

 

لا تشعروا بأنّكم مختلفون عن أترابكم ولا تعتقدوا بأنّكم أفضل من الشباب الآخرين بل تعلّموا أن تكونوا مع الجميع ولا تخافوا من الالتزام بعمق. إن أردتم أن تصبحوا في المستقبل كهنة يعيشون وسط شعب الله المقدّس عيشوا الآن كشباب يعرفون كيف يكونون مع الجميع ويتعلّمون من كلّ شخص يلتقون به بتواضع وذكاء؛ ولتكن في أساس جميع علاقاتكم العلاقة مع المسيح: فبقدر ما تتعرّفون عليه وتصغون إليه وترتبطون به بالثقة والمحبّة، تصبح محبّته محبّتكم أيضًا وتعيشونها في العلاقات مع الآخرين فتصبحون عندها "قنوات" لمحبّته من خلال نضوجكم في العلاقات. الصلاة هي المكان الذي تنمو فيه العلاقة مع المسيح، وثمرة الصلاة هي المحبّة على الدوام!

 

ينبغي أن يُقابل الإنتماء بنقيضه أي بالتهميش والإقصاء. إن الذي ينمو في الإنتماء للمسيح ويكتشف في داخله نظرة تتوجّه نحو الجميع كيف يمكنه أن يكون في حياته رجلاً يقصي ويُهمّش؟

 

إبدؤوا بحياتكم الجماعيّة في الإكليريكيّة: هل هناك أحد مُستثنى؟ ويعيش على الهامش؟ إن انتماءكم للمسيح يطلب منكم أن تذهبوا إليه وتعيدوه إلى المحور وتساعدوه كي يشعر بأنّه هو أيضًا جزء من الجماعة. وبقدر ما تَنمون في حسّ الانتماء للكنيسة وتتذوّقون جمال الأخوَّة ستعرفون كيف تعيشون المغفرة في الأمور الصّغيرة كما في الكبيرة. وإن كان لا شيء يُقصينا ويبعدنا عن نظرة الربّ الرّحومة لماذا إذًا نهمّش ونقصي الآخرين بنظرنا؟

 

أعرف أنّكم إكليريكيّة كبيرة وقد أنعم عليها الربّ بدعوات كثيرة، لكنّ هذه الوفرة هي مسؤوليّة أيضًا ولذلك ينبغي عليكم أن تتنبّهوا لنوعيّة مسيرة التنشئة لأنّ الأعداد لا تكفي! لذلك ولكي تتمكّنوا دائمًا من القيام بمسيرة تنشئة نوعيّة أؤكِّد لكم صلاتي وأشكركم على زيارتكم وأسألكم ألا تنسوا أن تصلّوا من أجلي! 

 

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.