"لِلرَّبِّ إِلَهِنا العَدل، وَلَنا خِزيُ الوُجوه" بهذه الكلمات يتوجَّه إلينا النبّي باروك (1/ 15 -22) إذ يحدّثنا عن عدم الطاعة لشريعة الله أي عن الخطيئة، وفي الوقت عينه يدلّنا على الدّرب الحقيقيّ لطلب المغفرة.
هذا ما تمحورت حوله عظة البابا فرنسيس في القدّاس الإلهيّ الذي ترأّسه صباح يوم الجمعة في كابلة بيت القدِّيسة مرتا بالفاتيكان والتي استهلّها انطلاقـًا من سفر باروك ليتوقّف خلالها بشكلٍ خاصّ عند واقع الخطيئة الذي يميّز جميع البشر كما نقرأ في نبوءة باروك "لِلرَّبِّ إِلَهِنا العَدل، وَلَنا خِزيُ الوُجوه، كَما في هَذا اليَوم، لِرجالِ يَهوذا وَسُكّانِ أورَشَليم، وَلِمُلوكِنا وَرُؤَسائِنا، وَكهَنَتِنا وَأَنبِيائِنا. لأنّا خَطِئنا أَمامَ الرَّبّ، وَعَصَيناهُ، وَلَم نَسمَع لِصَوتِ الرَّبِّ إِلَهِنا".
"أنا صالح وبارّ؛ ولست كذلك الرَّجل أو كتلك المرأة" وإنّما ينبغي على كلٍّ منّا أن يقول: "أنا خاطئ" وأعتقد أنّه الاسم الأوّل الذي نحمله جميعًا؛ ولماذا نحن خطأة؟ لأنّنا عصينا أوامر الرَّبّ: هو قال شيئًا ونحن فعلنا شيئًا آخر.
لن نصغِ إلى صوت الرَّبّ: لقد كلّمنا مرَّات عديدة؛ ويمكن لكلِّ فرد منّا أن يفكّر: "كم مرّة كلّمني الرَّبّ في حياتي؟... وكم من مرّة لم أصغِ فيها لصوته؟" لقد كلّمني من خلال والديَّ والأهل، من خلال أساتذة التعليم المسيحيّ والكنيسة والعظات، لقد تحدّث أيضًا إلى قلوبنا وسمعنا صوته الذي كان يطلب منّا أن نسير بحسب الشّريعة التي أعطاناها؛ ولكنّنا عصيناه ولم نسمع صوته وهذه هي الخطيئة.
الخطيئة هي رفض وعصيان واستمرار في اتّباع نزوات قلبنا التي تحملنا على السُّقوط في عبادات أصنام يوميّة كالجشع والحسد والكراهية ولاسيّما الشتم والانتقاد اللذان يشكّلان حرب القلب لتدمير الآخر.
وبسبب الخطيئة كما نقرأ في سفر باروك "لَحِقَ بِنا الشُّرُّ وَاللَّعنَة"، إنَّ الخطيئة في الواقع تدمِّر الحياة والقلب والنفس، الخطيئة تجعلنا نمرض وتضعفنا. وبالتالي تبقى هذه الخطيئة على الدوام تجاه الله. فهي ليست بقعة يمكن إزالتها لا لأنَّ الخطيئة هي عصيان ضدّ الرَّبّ. وعندما نفهم خطايانا بهذا الشَّكل، بدلاً من أن نيأس نشعر بالخجل و"خِزي الوُجوه" كما يقول النبّي باروك. وهذا الخجل هو نعمة.
الخجل يفتحنا على الشّفاء، ولذلك دعا الأب الأقدس المؤمنين كي يشعروا بالخجل بسبب خطاياهم أمام الرَّبِّ وأن يطلبوا منه أن يشفيهم وقال عندما يرى الرَّبّ أنّنا نشعر بالخجل لِما فعلناه وجئنا إليه بتواضع طالبين الغفران، يمحو لنا خطايانا ويعانقنا ويغفر لنا.
إنّ الدّرب إلى المغفرة هي هذه الدّرب التي يدلّنا إليها النبّي باروك. لنرفع المجد اليوم إلى الرَّبِّ الذي أراد أن يظهر قوّته في الرَّحمة والمغفرة؛ وأمام هذا الإله الصَّالح والرَّحيم والذي يغفر كلّ شيء لنطلب نعمة الشّعور بالخجل!
إذاعة الفاتيكان.