" عندما تكون الكنيسة متواضعة وفقيرة تكون أمينة للمسيح، وإلا فهي تتعرض لتجربة أن تشع بنورها الخاص بدلاً من أن تعطي العالم نور الله" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الاثنين في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.
قال الأب الأقدس: هناك من يعطي الكثير وعلانيّة لأنه غنيّ، وغناه يتغذّى من التباهي ويغتبط بالغرور، وهناك من يعطي القليل الذي يملكه بدون أن يعلم به أحد سوى الله لأن الله هو كل ما يملك وفيه يضع ثقته.
إستهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم من القديس لوقا والذي يخبرنا فيه عن يسوع عندما كان في الهيكل ورأى الَّذينَ يُلْقونَ هِباتِهِم في الخِزانة، وكانوا مِنَ الأغنِياء. ورأَى بعدها أَرمَلَةً مِسكينَةً تُلْقي فيها فَلسَين. فقالَ: "بِحَقٍّ أَقولُ لَكُم إِنَّ هذِهِ الأَرمَلَةَ الفَقيرةَ أَلْقَت أَكثَرَ مِنهُم جَميعًا، لأنّ هؤلاءِ كُلَّهم أَلقَوا في الهِباتِ مِنَ الفاضِلِ عن حاجاتِهم، وأَمَّا هي فإِنَّها مِن حاجَتِها أَلقَت جَميعَ ما تَملِكُ لِمَعيشَتِها".
تابع الحبر الأعظم يقول: هناك نزعتان حاضرتان على الدوام في تاريخ الكنيسة: الكنيسة التي يجربّها الغرور والكنيسة الفقيرة والتي لا تملك ثروة أو غنى إلا ربها وعريسها، تمامًا كهذه الأرملة التي يحدثنا عنها الإنجيل.
تابع البابا فرنسيس يقول: أحب أن أرى في هذه الأرملة صورة الكنيسة الأرملة بمعنى ما لأنها تنتظر عودة عريسها... فبالرغم من أن عريسها هو أيضًا في الافخارستيا، في كلمة الله والفقراء ولكنها تنتظر عودته. هذا هو موقف الكنيسة!
هذه الأرملة لم تكن مهمة: لم يكن أحد يعرفها أو حتى يعرف اسمها، لم تكن تشع بنورها الخاص وهذا ما جعلني أرى صورة الكنيسة في هذه الأرملة، لأن فضيلة الكنيسة الكبيرة هي بأنها لا تشع بنورها الخاص وإنما بالنور الذي يأتي من عريسها. وعبر العصور في كل مرة حاولت الكنيسة أن تشع بنورها الخاص كانت تخطئ.
أضاف الحبر الأعظم يقول قد يطلب الرّبّ أحيانًا من كنيسته أن تشع بقليل من نورها الخاص وإنما عليها أن تتذكر على الدوام أن رسالتها هي أن تضيء البشريّة ولذلك عليها أن تعطي بتواضع النور الذي تناله من المسيح. وبالتالي فإن كل الخدمات التي نقوم بها في الكنيسة هي لمساعدتنا في نوال هذا النور، لأن الخدمة بدون هذا النور ليست أمرًا جيّدًا لأنها تجعل الكنيسة غنية ومسيطرة تبحث فقط عن السلطة وبالتالي تخطئ في مسيرتها كما حصل غالبًا في التاريخ وكما يحصل أيضًا في حياتنا عندما نبحث عن نور آخر غالبًا ما لا يكون نور الرّبّ، بل نورنا الخاص.
عندما تكون الكنيسة أمينة للرّجاء ولعريسها، تابع البابا فرنسيس يقول، تكون فَرِحة بنوال النور من المسيح وبأن تكون بهذا المعنى "الأرملة" التي كالقمر تنتظر عودة الشمس. فعندما تكون الكنيسة متواضعة وفقيرة، وعندما تعترف الكنيسة بضعفها - والضعف هو ميزتنا جميعًا - تكون الكنيسة أمينة، لأنها تقول لنفسها: "أنا وحدي ضعيفة ومظلمة ونوري يأتي منه من هناك" وهذا أمر يساعدنا جدًّا. لنرفع الصلاة إلى هذه الأرملة التي في السماء ونطلب منها أن تعلمنا أن نكون كنيسة تتخلى عن كل ما تملكه من أجل الرّبّ والقريب! وأن نكون متواضعين لا نتبجّح بنورنا الخاص بل نبحث دائمًا عن النور الذي يأتي من الرّبّ.
إذاعة الفاتيكا