عقدت ندوة صحفيّة في المركز الكاثوليكيّ للإعلام، بدعوة من اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، حول "طاعة مريم". شارك فيها مدير المركز الكاثوليكيّ للإعلام الخوري عبده أبو كسم، المرشد العام للسّجون في لبنان الأب جوزيف العنداري، المسؤول عن الحركة الكهنوتيّة المريميّة في لبنان الأيكونوموس إلياس رحّال، مؤسّس "جماعة الغوص إلى العمق" الأستاذ روجيه باخوس، والشّاعرة والإعلاميّة مي منصور. وحضرها عدد من "جماعة الغوص إلى العمق"، أعضاء من هاليارد سنتر، وإعلاميون ومهتمّون.
رحبَّ الخوري عبده أبو كسم بالحضور باسم رئيس اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام وقال:
"نلتقي اليوم على أبواب تكريس وطننا لبنان لقلب أمنّا مريم الطاهر بمناسة المئويّة الأولى لظهورات العذراء في فاطيما، وسيحتفل البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرّاعي الكلّي الطوبى مع الأساقفة بالقدّاس الإلهيّ في بازيليك سيّدة حريصا، بكركي، لتكريس لبنان لقلبها الطاهر، نهار الأحد في 11حزيران 2017 العاشرة صباحًا، قبل زيارته إلى فاطيما في 24-25 حزيران الحاليّ.
نتحدّث اليوم على طاعة مريم، التي كانت الباب إلى الولوج إلى سرّ الخلاص، طاعة مريم طاعة عمياء للرَّبّ، قبلت أن تكون أمّ الله، وبها تمّ سرّ الخلاص والفداء.
على ضوء ما يحصل اليوم، نوكل شبيبتنا إلى عناية أمّنا مريم العذراء، هي أمّنا كلّنا، شفيعتنا كلّنا، معلمتنا بالطاعة والخدمة وهي أمّ الكاهن ورفيقة كلّ الحزانى، على أقدام الصّليب حملت أهمّ سيف، وإلى كلّ الحزانى هي الأمّ المعزية ومن خلالها يتعزى كلّ النّاس.
نصلي مع مريم لتنوير عقول كلّ الأشخاص الظالمين والذين يعيشون في الظلمة "ظلمة الخطيئة والقتل" لتنوّر عقولهم وللخروج من الإنسان الوحش.
نسمع كلّ يوم في لبنان بجرائم قتل، أصبح القتل رخيصًا في بلدنا، أمس جرائم متعدِّدة حصلت، والملفت أنّ هذا الإنسان الذي يفقد كلّ قيم الإنسانيّة ويتحوّل إلى وحش قاتل، كأمس مثلاً مقتل الشّاب روي حاموش الشاب الجامعيّ، يقتل بهذه الطريقة الوحشيّة.
نشكر الأجهزة الأمنيّة على إلقاء القبض على الفاعل، ولكن نقول أولادنا ليسوا ملك هؤلاء الوحوش، ملك سلاحهم، ملك تحشيشهم ومخدراتهم وسكرهم، والحلّ الوحيد لهم فقظ المشنقة ليكونوا عبرة لغيرهم. نحن نقول بالرّحمة، ولكن قلوب الآباء والأمّهات تعتصر دمًا.
ندعو كلّ القادة والمسؤولين في لبنان السياسيّين والعسكريّين والأمنيّين، أن يضربوا بيد من حديد لوقف هذه الجرائم، وفي المقابل نطلب من السيِّدة العذراء الرَّحمة لهؤلاء القتلى، وأن تنور عقول الأشخاص الذين لم يدخل المسيح إلى قلوبهم، لتجنب هذه الجرائم ونقول: "في ظل حمايتك نلتجىء يا مريم، فأنت أمّنا وشفيعتنا، أنت معلّمتنا وعليك نتكل، أحمينا أحمي لبنان وأحمي شبيبتنا. آمين".
ثمّ كانت كلمة الخوري جوزيف العنداري فقال:
"بمريم المملوءة نعمة والتي حُبل بها بلا دنس غطّى الإنسان عُريَه عندما لبست البشريّة ثوب المسيح المولود من مريم ليعيد الإنسان إلى البيت الوالديّ بدلًا من ابتعاده عن هذا البيت الذي تركه ليبدّد ثروة النعم التي أعطاه إيّاها الآب منذ الخلق.
هذه الطاعة المريميّة هي سرّ الحبّ الذي سُكب في قلب مريم لينسكب رضًى من الثّالوث الأقدس على كلّ إنسان مريم أمّه، وبمريم.
طاعة مريم لم ولن تتوقّف منذ تكوينها وإلى الأبد. هي طاعة مَن قبلت وعاشت و”آمنت بكلّ ما قيل لها من قِبل الرَّبّ”، محافظةً على ديمومة طاعتها بتواضع ووداعة وبتوليّة كاملة بتواصل متيقـّظ وباستعداد دائم لتتميم مشيئة الثّالوث.
امتلأت مريم من النّعم ومن انسكاب إرادة الله في كيانها لتصبح الخليقة الأولى والفريدة التي أطاعت ملء الإرادة الإلهيّة المنسكبة من الثالوث فيها.
عاشت مريم هذه الطاعة وجسّدتها كاملةً للآب بقبولها سرّ التجسّد، وللإبن في حملها إيّاه في أحشائها ليولد منها مخلّصًا للبشريّة، وللرُّوح القدس في حلوله عليها ليتكوّن الإبن وتبقى عروسًا لهذا الرُّوح إلى الأبد. في البشارة، في الولادة، في الهروب إلى مصر، في عرس قانا الجليل، في رسالة يسوع وعلى أقدام الصّليب، تسليم كامل واستسلام وطاعة كاملة لإرادة الله بثقة كاملة وحُبّ كامل.
على أقدام الصّليب جاز سيف موت ابنها في قلبها فبقيت واقفة طاعةً لإرادة الآب لتقول مع ابنها: “لقد تمّ.” يوحنّا (19 /20) وتعطي البشريّة وكلّ إنسان مع ابنها سرّ الفداء.
في العلّيَّة ومع الرّسل تستقبل الرّوح القدس لتكون أمّ الكنيسة حيث هناك وُلدت وتبقى السّهرانة عليها في عبورها إلى قلب الآب. وعلى مَرّ السنين، مريم تبقى في طاعة كاملة لمشيئة الثالوث في وقوفها إلى جانب أبنائها أعضاء جسد ابنها السّريّ في شتّى الظروف وفي أقصى المحن.
ونراها مريم اليوم أيضًا في طاعة الإبنة والأمّ والعروس والرَّسولة لتنقل إلينا إرادة الثّالوث في ظهوراتها المقدّسة، تعلن لنا هذه الإرادة لنقول على مثالها ودائمًا فليكن لي بحسب قولك.
هي التي أعادت للرّبّ كلّ مجدٍ وطاعة وحبٍّ وخير وصلاح كما جاء في نشيدها ودائمًا بطاعة وإيمان "تعظّم نفسي الرَّبّ وتبتهج روحي بالله مخلّصي" (لوقا 1 /46) فنردّد معها هذا النشيد مكرّسين ذواتنا لها قائلين: " كلّنا لك يا مريم". المجد دائمًا لله والسّلام لأمّنا مريم".
كلمة السيّد روجيه باخوس "طاعة مريم إلى العمق" فقال:
"إنّ حياة مريم العذراء عابقة بأفعال طاعة بطوليّة، سكرى بمشروع تتميم مشيئة الآب:
أوّلاً، لمّا قيل في ملء الزّمن أرسل الله ابنه مولودًا من عذراء، أي لمّا حان الوقت المُنتظر للأجيال كلّها: هذا هو ملء الزّمن الذي وُجدت فيه فتاةٌ عذراءٌ استطاعت أن تحمل المسيح وتحمل المجد. فهي التي تنتظرها البشريّة جمعاء والتي تحوي في كينونتها طهرًا تواضعًا وطاعة، حتى استحقّت أن تكون "الممتلئة من النعم"، إنّها المباركة بين كلّ النساء، إنّها العذراء مريم. أضف إلى ذلك، بأنّ الملء هو فيض طاعة على عصيان وحياة على موت، وولادة على الفناء وأمَة على متمرّدة.
ثانياً، في بداية مسيرتها في الهيكل، كما يخبرنا التقليد، كان يدور في كيان مريم عشقها لعيش البتوليّة المكرّسة لله، فكانت تضع هذا القرار نصب عينيها لتعيشه بأمانة و ثبات أمام الله. و لكن عندما ظهر لها الملاك جبرائيل ودعاها لتحمل المخلّص إلى العالم؛ لم تتردّد لحظة بل كانت طائعة لمشروع الله الخلاصيّ وتخلّت جذريّاً عن مشروعها الخاصّ. لكي تمارس أفعال الطاعة لله عبر القدّيس يوسف. هي التي كانت كليّة الاستعداد لها.
ثالثاً، وبنوع فائق، أظهرت هذه الأمّ الإلهيّة طاعةً كليّة السّمو وتكميلاً لارادة الله. هي قدّمت إبنها بخضوع تامّ ضحيةً للموت على خشبة الصّليب، من أجل خلاص العالم بثبات وبشجاعةٍ فريدةٍ، حتى أنّها كانت مستعدّةً، لتتميم المشيئة الإلهيّة وإطاعةً المراسيم الأزليّة، لأن تصلب بيديها إبنها الحبيب هذا، لو أنّه لم يوجد الصّالبون. في هذا العمل أثبتت مريم طاعتها حتى الألم.
في النهاية، نجد أن طاعة مريم هي تسليم كاملٌ وكلّي لمشيئة الله. هذا التسليم جلب الخلاص للعالم أجمع. إنّ هذه الطاعة التي اتّسمت بها المسيرة المريميّة، جعلت مريم تختار الله وتخدمه وتفضّله على كلّ شيء، فكان شرفها الأكبر أن تدعى خادمة طائعة لمشروع الله الخلاصيّ في كلّ فترات حياتها، حتى أمكننا القول أنّ طاعة الله المتجسّدة بالإبن، احتجبت في أحشاء طاعة مريم.
إنّ يسوع، كأيقونة في عيش الطاعة للآب السماويّ، لا يقدرنّ أن يتجسّد إلّا في أحشاءٍ طائعة بالكامل للآب، فكانت هذه الأحشاء الفردوسيّة هي أحشاء مريم البتول.. فلا يُمكننا بعد ذلك إلّا أن نقول تجاه هذه الطاعة المريميّة البطوليّة، شكرًا يا مريم".
ثمّ كانت كلمة الأيكونومس إلياس رحّال فقال:
القدّيس ألفونس دوليغوري يقول "إنّ حبّ مريم لله وحبّها لطاعته، جعلها تختار إسمًا واحدًا لها "أمَة الرَّبّ" أي خادمته. وإنّ تواضع الخادمة يرتكز في الاستعداد الدّائم للطاعة. إنّ طاعة مريم كانت تفوق كلّ طاعة القدّيسين مجتمعين وهي أكثر كمالاً، لأنّ البشر ميّالين إلى الشرّ بسبب الخطيئة الأصليّة، فهم يجدون صعوبة في صنع الخير على الدوام.
أمّا مريم فلم تكن كذلك، لأنّها كانت معصومة من الخطيئة الأصليّة بإرادة الله، لكي تتمكن من أن تصير أمًّا لإبنه يسوع وتشاركه في عمليّة الخلاص على حسب ما رتّب لها، فأطاعت مريم كلّ إلهامات الله بطواعية كلّيَّة.
كانت حياتها كلّها على الأرض في أن تفتش ما هي إرادة الله، وأن تطيعها، لأنّ الله وحده دون أيّ خليقة أخرى هو الذي كان يسكن قلبها. فمنذ سماعها صوت الله، كانت نفس مريم تذوب (سفر الأناشيد 5،6). إنّ نفسها وكما أضاف ريكاردوس كانت مثل "معدنٍ ذائب، مستعدٍّ ليأخذ كلّ الأشكال التي يريد الله أن يعطيها".
لقد أطاعت مريم الشّريعة اليهوديّة، إن في الإكتتاب أو الختانة، متحمِّلة مشقـَّة السَّفر الطويل إلى بيت لحم وإلى اورشليم، وأمّ الملك ولدت إبنها في إسطبل بعد أن أُغلقت أمامهما كلّ الفنادق والبيوت بسماح من الله الآب، ليزيدها فقط تعلقـًا به ويزيد تواضعها ومحبّتها للفقر، والتجرّد من كلّ الأشياء. وعندما أمر الملاك يوسف بالهرب بالصبي وأمّه إلى مصر، أطاعت مريم زوجها دون أن تسأل لماذا لم يظهر لها هي الملاك، وكان ذلك كلّه لكي تطيع زوجها في كلّ شيء على ما نصّت عليه الشّريعة.
أمّا الطاعة البطوليّة فوق كلّ ما فعلت مريم، كان عندما قبلت أن تقدّم ثمرة أحشائها ذبيحة كفّارة على الصّليب، منتصبة أمامه برباطة جأش لكي تتمّ إرادة الآب السَّماويّ، لذلك تدعوها الكنيسة مشاركة لإبنها في الخلاص. وقد ذهب القدّيس أوغسطينوس إلى القول "لو لم يكن هنالك جلاّدون ليصلبوا إبنها على الصّليب، لكانت مريم هي من قامت بذلك بنفسها".
لقد أخبرت العذراء مريم القدّيسة بريجيتا، بأنّها نالت من الله باستحقاقات طاعتها، بأنّ كلّ الخطأة التّائبين الملتجئين إليها سينالون منه المسامحة والغفران.
وأختتمت الندوة بكلمة الشّاعرة مي منصور جاء فيها:
"طاعة مريم مش بس عملتها مراية ألله ومرايه لكلّ البشريّه، إنّما عملتها وطن الله!
هالطاعه وصّلتها للمعرفه وجبلتها بالطهاره الكامله المطلقه وخترقت سرّ الخلاص – خلاص الجنس البشريّ.
بظهورها بفاطمه، قالت: "الله يريد التعبّد لقلبي الطاهر.." وهالتعبُّد بيتمّ بالتّكريس لقلب مريم الطاهر للي هوي السفينة… متل ما كانت سفينة نوح للي خلّصتو مع عيلتو من طوفان المياه..
مريم، هيي المرأه الملتحفي بالشّمس وقايدة جيوش السّما النظاميّه بمعركة الخلاص… بدها تخلّصنا من الهلاك الأبديّ لأنّها شريكة الفدى!
وكلامها بيتوافق مع كلام يسوع بالإنجيل: إن لم تعودوا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت السّما!
وهيك للي بيتكرّس لقلب مريم الطاهر بدو يكون عندو الأمانه لفعل التكريس، والطاعه لعهود معموديتو.. وبدو يعمل مريم مرايه إلو… ت يصير هوّي بدورو وطن لله الثالوث!
لو ما طاعة مريم، المشيئة الإلهيّه كانت خربطت مشروع الخلاص متل ما حوا خربطت مشروع الخلق بخطيّة العصيان وجابت الموت … لأن أجرة الخطيّه هيي الموت.
فمريم بطاعتها اسْتردِّت الحياة ومش حا يلّا حياة، الحياة الأبديّه وكانت هيي فجر الخلاص، ونجمة الخلاص، وشريكة الفدا… وصارت إمّ الله وإمّ كلّ الجنس البشريّ المفدي بدم إبنها يسوع المسيح مخلّص العالم، للي وضع تمن دمّو بين إيديّها، لإن الطاعه عملتها محطة ثقه للثالوث القدوس وأكتر، عملتها وطن ألله..
مريم، طاعت كلمة الله وقبلت أمومتنا عند اجرين الصّليب بأوجع موقف وأصعب لحظه.. لحظة نزاع إبنها للي صلبناه بخطايانا.
من هون، بطاعتها مريم استحقت اكاليل كلّ الأبرار والقدّيسين.. تكلّلت ب 12 كوكب متلما بيقول سفر الرؤيا "إمرأه ملتحفي بالشّمس تحت إجريها القمر وعلى راسها إكليل من 12 كوكب…" لأنها جمعت بشخصها جميع مراتب القدّيسين للي بالسّما واستحقِّت كلّ أمجادن للي ممثلي ب 12 كوّكب!
هيي الباب المقدّس للي خرج منّو نور العالم.. هيّي، الباب الخلاصي، للي عم تجمع ولادها حتى يدخلو معها لمملكة النور الأبديه! من هيك، تكللت من الآب بإكليل القدره وعطاها، بعد يسوع، السياده على خلايق السّما والأرض والجحيم.
من هون عندها القدره والسّلطان لسحق راس الشيطان! والإبن كلّلها بالحكمه كملكه للسّما ملكة الملايكه! ووضع تمن دمو بين إيديها! والروح القدس كللها بالمحبه. بالإضافه لإكليل البتوليه لأنها عذراء العذارى وإكليل الملافنه لتعليمها الرسل الأسرار للي حفرهن يسوع بقلبها الطاهر.
وهيي للي قالت: وبالآخر رح ينتصر قلبي الطاهر. لإنها هالقد بثوثق بكلمة الله!
نعم، رح ينتصر قلب مريم الطاهر على التنين بكل الوانو وشرو وحقدو وعصيانو وإلحادو.. ورح تسحق راس الحيّه القديمي – الشيطان العم يزئر متل اسد لتدمير البشريه.
وناسي للي نعطالها القدره والرساله والسلطان لسحق راس الكبريا.. عم تشتغل بطاعه فريدي حتى تمم هالمهمه العظيمي.
وهالتكريس من علامات إنتصار قلبها الطاهر المتحد بقلب يسوع المسيح برباط وثيق والى الأبد!".
المركز الكاثوليكي للإعلام