شفقة واقتراب وإرجاع

متفرقات

شفقة واقتراب وإرجاع

 

 

 

 

شفقة واقتراب وإرجاع

 

 

 

"شفقة واقتراب وإرجاع" هذه هي الكلمات التي تمحورت حولها عظة الأب الأقدس في القدّاس الإلهيّ الذي احتفل به صباح اليوم الثلاثاء في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان ورفع الصّلاة لكي يمنحنا الرّبّ الشفقة تجاه العديد من الأشخاص الذين يتألّمون، والنعمة لنقترب من هؤلاء الأشخاص ونحمل لهم الكرامة التي يريدها الله لهم.

 

استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقـًا من إنجيل القدّيس لوقا (7/ 11- 17) والذي يخبرنا عن إقامة يسوع لابن أرملة نائين من الموت ليتوقّف في تأمّله الصباحي عند العهد القديم الذي يعتبر الأرامل والأيتام والغرباء العبيد الأشدَّ فقرًا، ودعا المؤمنين للإعتناء بهم لكي يندمجوا في المجتمع، وقال إنَّ يسوع يملك القدرة على النظر إلى التفاصيل لأنّه ينظر بواسطة القلب ويتحلّى بالشّفقة.

 

الشفقة هي شعور يطال الكائن البشريّ بأسره، إنّها شعور ينبع من القلب ومن الأحشاء. إنّه شعور يختلف تمامًا عن الشّعور بالأسى إزاء معاناة شخص ما، لأنّ الشفقة تعني أيضًا أن أتألّم مع الشّخص لألمه، والرَّبّ قد أخذته الشفقة على أرملة ويتيم... قد يقول أحدكم: "لماذا ترك الجمع الذي يتبعه؟ كان بإمكانه أن يعبر ويتابع مسيرته، هذه هي الحياة والمآسي تحصل يوميًّا... لماذا كانت هذه الأرملة وابنها أهمّ من الجمع الكثير الذي كان يتبعه؟" لأنَّ هذا الأمر قد لمس قلبه وحرّك أحشاءه، لقد أخذته الشفقة عليهما.

 

 إنَّ الشفقة تدفعنا للإقتراب، يمكننا أن نرى أمورًا كثيرة بدون أن نقترب منها؛ فيما ينبغي علينا أن نقترب ونلمس الواقع لمس اليد لا أن نكتفي بالنظر من بعيد. ويخبرنا الإنجيل أخذته الشّفقة عليها فدنا من السّرير؛ هذه هي الكلمة الثانية "الاقتراب" ثمّ صنع المعجزة ولكنّه لم يكتفِ بأنّه قد أقام الشاب من الموت بل سَلَّمَهُ إِلى أُمِّهِ، وهذه هي الكلمة الثالثة "الإرجاع"، فيسوع يصنع المعجزات ليرجع الأشخاص إلى مكانهم ومكانتهم. وهذا ما فعله معنا أيضًا في سرِّ الفداء، لقد أخذته الشّفقة علينا؛ أشفق الله علينا، فاقترب منّا بواسطة ابنه وأعاد لنا كرامة أبناء الله؛ لقد ولدنا من جديد.

 

وبالتالي، ينبغي علينا جميعًا أن نتصرّف كيسوع ونتشبّه به فنقترب من المعوزين ونساعدهم. أحيانًا نشاهد الأخبار أو غلاف مجلّة أو مأساة ما، ونقول في نفسنا: "يا لهم من مساكين أطفال ذاك البلد ليس لديهم شيء يأكلونه أو أطفال ذاك البلد يُأخذون للتجنيد، أو نساء ذاك البلد يعيشون أشكالاً من العبوديّة..." وبعد ذلك نطوي الصفحة وننتقل إلى الرواية التي كنا نقرؤها أو إلى البرنامج التالي، لكن هذا الأمر ليس تصرُّفًا مسيحيًّا. وبالتالي سأتوجّه بالسّؤال لنا جميعًا: "هل أنا قادر على التحلّي بالشفقة؟ هل أصلّي عندما أرى هذه الأمور التي تحملها إلى بيتي وسائل الإعلام...؟ هل تتحرّك أحشائي؟ هل يتألّم قلبي بسبب هؤلاء الأشخاص أم أنّني أشعر فقط بالأسى حيالهم وأتابع حياتي...؟".

 

 لنطلب من الرّبّ نعمة التحلّي بالشّفقة، لأنّنا بالصَّلاة ومن خلال عملنا كمسيحيِّين بإمكاننا أن نساعد الأشخاص الذين يتألّمون لكي يرجعوا إلى المجتمع وإلى حياة العائلة والعمل، بمعنى آخر إلى الحياة اليوميّة. 

 

 

إذاعة الفاتيكان.