تسلّم قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الخميس أوراق اعتماد ستة سفراء جدد لدى الكرسي الرسولي يمثّلون: إستونيا وملاوي وناميبيا وسيشِل وتايلاند وزامبيا. وللمناسبة ألقى الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال:
إن حضوركم اليوم هو دعوة قويّة لواقع أنه وبالرغم من اختلاف جنسيّاتنا وثقافاتنا وطوائفنا الدينيّة تجمعنا البشريّة المشتركة والرسالة التي نتقاسمها في الاعتناء بالمجتمع والخليقة.
هذه الخدمة قد أخذت طابعًا ملحًّا مميزًا، بحيث أن العديد من الأشخاص في العالم يتألّمون بسبب النزاعات والحروب والهجرات والشكوك التي تسببها الصعوبات الاقتصاديّة. هذه المشاكل لا تتطلّب منا أن نتأمّل حولها ونناقشها وحسب وإنما أن نعبّر أيضًا عن علامات تضامن ملموسة مع إخوتنا وأخواتنا المعوزين.
ولكي تكون خدمة التضامن هذه فعّالة ينبغي على جهودنا أن تكون موجّهة لتحقيق السلام، لكنّ هذه المهمّة تتطلّب منا أن نعمل معًا بشكل فعال ومتناسق، مشجّعين أعضاء جماعاتنا ليصبحوا بدورهم صانعي سلام ومشجّعي عدالة اجتماعية ومدافعين عن الاحترام الحقيقي لبيتنا المشترك.
يصبح هذا الأمر أكثر صعوبة لأنّ عالمنا يظهر مُجزّأ ومستقطبًا أكثر فأكثر. فيتوق العديد من الأشخاص إلى عزل أنفسهم إزاء قساوة الواقع، ويخافون من الإرهاب ومن أن يغيّر جذريًّا تدفق المهاجرين المتزايد ثقافتهم وثباتهم الاقتصادي وأسلوب حياتهم. هذه مخاوف نفهمها ولا يمكننا أن نهملها، ومع ذلك ينبغي أن نواجهها بحكمة وشفقة فيتمّ هكذا احترام وعضد حقوق وحاجات الجميع.
أمّا بالنسبة للذين يعانون بسبب العنف والهجرة القسريّة ينبغي علينا أن نكون أكثر حزمًا في إظهارنا للعالم وضعهم الحساس، فيُسمع هكذا من خلال صوتنا صوتهم الضعيف وغير القادر على إسماع صرخته. إن درب الدبلوماسية تساعدنا في تضخيم ونقل هذه الصرخة من خلال البحث عن حلول للأسباب العديدة الكامنة في أساس النزاعات الحالية. هذا الأمر يتحقق بشكل خاص من خلال الجهود لنزع أسلحة الذين يستعملون العنف، كما من خلال وضع حدٍّ لآفة الاتجار بالبشر وتجارة المخدرات التي غالبًا ما تترافق مع هذه الآفة.
فيما ينبغي على مبادراتنا باسم السلام أن تساعد الشعوب للبقاء في أوطانهم، يدعونا الوقت الحالي لنساعد المهاجرين والذين يعتنون بهم. لا ينبغي علينا أن نسمح لسوء الفهم والخوف بأن يضعفوا عزيمتنا. وإنما نحن مدعوون لبناء ثقافة حوار: يساعدنا على أن نرى في الآخر محاورًا صالحًا؛ ويجعلنا ننظر إلى الغريب، المهاجر المنتمي إلى ثقافة مختلفة كشخص نصغي إليه، نحترمه ونقدره. فنعزز بهذا الشكل إدماجًا يحترم هويّة المهاجرين ويحافظ على ثقافة الجماعة التي تستقبلهم فيغتنوا كليهما في الوقت عينه. إنه أمر جوهري، فإذا سيطر سوء الفهم والخوف، تضعف ثقافاتنا وتاريخنا وتقاليدنا ويصبح السلام مهدّدًا!
أيّها السفراء الأعزّاء، وقبل اختتام هذه التأملات، أود أن أوجه، من خلالكم، تحيّة أخويّة إلى رعاة ومؤمني الجماعات الكاثوليكية الموجودة في بلادكم، وأشجّعهم ليكونوا على الدوام رسل رجاء وسلام. أفكّر بشكل خاص بالمسيحيين والجماعات الذين يشكّلون الأقليّة ويعانون من الإضطهاد بسبب إيمانهم، أجدد لهم دعمي في الصلاة وتضامني.
من جانبه، يتشرف الكرسي الرسولي بأن يعزز مع كل واحد منكم ومع البلدان التي تمثلونها حوارًا منفتحًا ومحترمًا وتعاونًا بنّاء. من هذا المنظور، وإذ قد بدأتم مهمّتكم الجديدة بشكل رسميّ، أعبر لكم عن أطيب تمنياتي، وأؤكد لكم الدعم المستمر من مختلف مكاتب الكوريا الرومانية في تحقيق مهامكم.
إذاعة الفاتيكان.