بعث البابا فرنسيس برسالة إلى المشاركين في قمّة تعقدها منظمّة الأمم المتحدة بهدف مناقشة أداة ملزمة قانونًا بشأن حظر الأسلحة النوويّة وتقود إلى إزالتها بالكامل. وقد قرأ رسالةَ البابا على المؤتمرين المطران أنطوان كاميلّيري نائب أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدّول والذي يرأس وفد الكرسيّ الرسوليّ إلى هذه القمّة.
استهل فرنسيس رسالته موجهًا تحيّة إلى جميع المشاركين في اللقاء والذين يمثلون مختلف الدول والمنظمّات الدوليّة وهيئات المجتمع المدني، وشجعهم على العمل بحزم من أجل توفير الشروط المناسبة لبناء عالم خال من الأسلحة النووية. وذكّر البابا بالخطاب الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في الخامس والعشرين من أيلول سبتمبر 2015 خلال زيارته للولايات المتحدة وسلط فيه الضوء على أهمية السلام والحل السلمي للخلافات وتعزيز علاقات الصداقة بين الأمم.
وشدد البابا في هذا السياق على ضرورة الالتزام في بناء عالم لا مكان فيه للسلاح النووي من خلال تطبيق معاهدة منع الانتشار النووي نصًا وروحًا. وتحدث فرنسيس عن التهديدات الرئيسة المحدقة اليوم بالسلام والأمن وعن مختلف أبعادها في هذا العالم المتعدد الأقطاب في قرننا الحادي والعشرين مشيرًا إلى الإرهاب والصراعات غير المتزنة والأمن المعلوماتي والمشاكل البيئية والفقر. وأكد أن الرادع النووي لا يسعه الاستجابة إلى هذه التحديات، خصوصًا إذا ما أخذنا في عين الاعتبار النتائج الكارثية على الصعيدين الإنساني والبيئي التي تترتب على اللجوء إلى هذا النوع من السلاح. وحث البابا المؤتمرين على التفكير بمدى استدامة التوازنات المرتكزة إلى الخوف وانعدام الثقة بين الشعوب، لافتًا إلى أن السلام والاستقرار العالميين لا يمكن أن يرتكزا إلى شعور مزيف بالأمن أو إلى التهديد بالتدمير المتبادل بين القوى.
وشدد فرنسيس في هذا السياق على ضرورة أن يُبنى السلام على أسس العدالة والتنمية البشرية المتكاملة واحترام حقوق الإنسان الأساسية وحماية الخليقة ومشاركة الجميع في الحياة العامة وتعزيز دور المؤسسات المسالمة، وضمان التربية والصحة للجميع فضلاً عن الحوار والتضامن.
من هذا المنطلق لا بد أن تتبنى الجماعة الدولية إستراتجيات بعيدة النظر من أجل تعزيز هدف السلام والإستقرار والحيلولة دون تبني مقاربات قصيرة النظر لمشاكل الأمن القومي والدولي. ودعا البابا الجميع إلى التفكير بخُلُقية السلام والأمن التعاوني المتعدد الأطراف والذي يتخطى الخوف والإنعزالية معتبرًا أن بلوغ هذا الهدف يتطلب تعاونًا ملموسًا مرتكزًا إلى ثقة متبادلة.
كما لا بد أن ترتكز هذه الثقة إلى الحوار الموجّه نحو الخير العام لا نحو حماية المصالح الخاصة والمخفية، وينبغي أن يشمل هذا الحوار الجميع: البلدان النووية، وغير النووية، القطاعين العسكري والخاص، الجماعات الدينية والمجتمع المدني والمنظمات الدولية. واعتبر فرنسيس أن البشرية قادرة على التعاون في بناء البيت المشترك، ولديها الحرية والذكاء والقدرة على توجيه التكنولوجيا ووضع نفسها في خدمة تطور إنساني واجتماعي ومتكامل.
في ختام رسالته تمنى البابا أن تشكل هذه القمة خطوة مقررة في المسيرة باتجاه عالم خال من السلاح النووي واعتبر أن هذا الهدف، وعلى الرغم كونه معقدًا، ليس بعيد المنال. وأمل أن تساهم القمة في إعطاء دفع باتجاه خلقية السلام والأمن التعاوني المتعدد الأطراف والتي تحتاج إليها البشريّة اليوم. وسأل الله أن يبارك جميع المشاركين في هذه القمة ومواطني الدول التي يمثلونها.
إذاعة الفاتيكان.