استقبل البابا فرنسيس ظهر يوم الخميس في قاعة السينودس بالفاتيكان المشاركين في أعمال الجمعية العامة للأكاديمية البابوية للحياة. وجّه البابا لضيوفه خطاباً استهله مُرحبًا بهم ومُعربًا عن سروره للقائهم وأشار إلى موضوع الجمعيّة العامّة ألا وهو "مرافقة الحياة. مسؤوليّات جديدة في الحقبة التكنولوجية".
وشدّد على ضرورة التعمق في دراسة تأثيرات التطور التكنولوجي في عالم اليوم بغية التوصّل إلى خلاصة أنتروبولوجية تكون جديرة بالتحدي الكبير المطروح اليوم أمامنا. ولفت البابا إلى أنّ إنسان اليوم يجد نفسه أمام مرحلة عبور في تاريخه ولا تفتقر هذه المرحلة إلى طرح التساؤلات إيّاها التي رافقت الإنسان منذ البدء وتتعلّق بمعنى الحياة، ومصدر الإنسان ومصيره.
وحذّر فرنسيس من المخاطر التي تنجم عن وضع الأنا في المحور، وحيث لا يتردّد المرء أحيانا بالتضحية في كلّ شيء ـ بما في ذلك مشاعر وعطف الأحباء ـ من أجل تحقيق رغباته. وأكّد أن هذا الأمر لا يعني نكران التطلعات المشروعة للفرد أو التقليص من أهميتها، لكن لا ينبغي أن يرتكز كلّ شيء إلى الماديّة وهذا الأمر يختبره وللأسف العديد من الرّجال والنساء والأطفال حول العالم، خصوصًا وأنّ هذا التطور التكنولوجيّ يترافق مع اتّساع رقعة الفقر والحرمان والتهميش والإقصاء. لذا من الأهميّة بمكان أن يستند التطور العلميّ والتكنولوجيّ السّليم إلى سياسات أكثر إنسانيّة.
هذا ثمّ لفت البابا إلى أنّ الإيمان المسيحيّ يدفعنا إلى اتّخاذ المبادرة مشيرًا إلى أنّ تاريخ الكنيسة مفعم بشخصيّات بادرت لمساعدة الآخرين ومهّدت طريق العلم والمعرفة في الزمان الذي عاشت فيه. وأكّد فرنسيس أنّ عالمنا يحتاج إلى أشخاص مؤمنين يكونون خلاقين ومتواضعين وشجعاناً وعازمين على رأب الصدع بين الأجيال. هذا ثمّ انتقل البابا إلى الحديث عن كلمة الله كمصدر وحي وراء اتّخاذ المبادرة مشدِّدًا على ضرورة أن يُترجم لاهوت الخلق والخلاص إلى أعمال محبّة في الحياة اليوميّة.
وذكّر فرنسيس بأن سفر التكوين يحدّثنا عن رواية الخلق ويؤكّد لنا أنّ الله يحبّ كلّ كائن من كائناته وهو يريد أن يمنح خلاصه للجميع بدون استثناء أحد. وشجّع ضيوفه على قراءة رواية الخلق في سفر التكوين من جديد كي نتمكّن من تقدير وسْع وعمْق محبّة الله التي يُعبر عنها أيضا من خلال اتّحاد الزوجين والحبّ الزوجي الذي يجمع بين رجل وامرأة. بعدها تحدّث البابا عن وجود ثورة ثقافيّة تلوح في الأفق مسطِّرًا ضرورة أن تلعب الكنيسة دورها في هذا المجال.
وإذ أشاد بالجهود التي بُذلت في العقود الماضية من أجل تحرير المرأة ومساواتها مع الرّجل انتقد البابا محاولات البعض في نكران الاختلافات الجنسيّة بين الرّجل والمرأة، واللّجوء إلى ثقافة الجندر.
وأشار فرنسيس في الختام إلى أهميّة مرافقة الحياة في جميع مراحلها بعطف ورأفة وحنان خاصًّا بالذكر أهميّة الاعتناء بالفئات الأكثر ضعفاً وهشاشة كالأطفال والمسنين ومحذرا من مغبّة بناء مجتمعات معادية للأطفال والمسنين وسلّط الضّوء على أهميّة الشّهادة لإيماننا برحمة الله لنتناقل الرَّأفة بين الأجيال.
إذاعة الفاتيكان.