أطل البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد من على شرفة مكتبه الخاص في القصر الرّسوليَ بالفاتيكان ليتلو مع وفود الحجّاج والمؤمنين صلاة التبشير الملائكيّ. قال البابا إنّ قراءة اليوم تقدّم لنا الجزء الأخير من الخطاب الإرسالي الوارد في إنجيل القدِّيس متى الفصل العاشر عندما علّم يسوع الرُّسل الإثنيّ عشر قبل إرسالهم للمرَّة الأولى إلى قرى الجليل واليهوديَّة.
يسوع سلّط الضَّوء ـ في هذا الجزء الأخير ـ على ناحيتين أساسيتين من حياة التلميذ المُرسل: أوّلاً، إنّ علاقة التلميذ مع يسوع هي أقوى من أي علاقة أخرى؛ ثانياً، إنّ المُرسل لا يحمل نفسه بل يحمل يسوع، ومن خلاله محبّة الآب السماويّ. ولفت البابا إلى أنَّ هاتين الناحيتين مترابطتان فيما بينهما لأنّه بقدر ما يكون يسوع في محور قلب التلميذ وحياته يكون هذا التلميذ "شفَّافـًا" لحضوره.
وتوقّف البابا فرنسيس بعدها عند كلمات الرّبّ يسوع الذي قال "مَن أحبَّ أبًا أو أمًّا أكثر منّي فليس جديرًا بي"، ولفت قداسته إلى عطف الأب وحنان الأمّ وعذوبة الصَّداقة بين الإخوة والأخوات ـ ومع أنّها أمور جيّدة ومشروعة ـ لا يجب أن تُقدَّم على المسيح لا لأنّه يريدنا بلا قلب وعديمي الامتنان، بل لأنَّ وضع التلميذ يتطلّب علاقة أوليَّة مع المعلّم.
كلّ تلميذ ـ أكان علمانيًا أم كاهنًا أم أسقفًا ـ يحتاج إلى هذه العلاقة الأوليَّة. إنَّ أوَّل سؤال يجب أن نطرحه كمسيحيِّين: هل تلتقي بالمسيح، هل تصلّي للمسيح؟ هذا المبدأ يُشبه ما جاء في سفر التكوين أي أنَّ الرَّجل يترك أباه وأمه ويتَّحِد مع يسوع المسيح ويصيران شيئًا واحدًا.
الشَّخص الذي يستسلم لرباط المحبَّة والحياة مع الرَّبِّ يسوع يُصبح ممثلاً له، وسفيره، خصوصًا من خلال نمط العيش. وقد قال يسوع لتلاميذه عندما أرسلهم "إنّ من يقبلكم يقبلني ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني". ينبغي أن يُدرك الناس أنّه بالنسبة لهذا التلميذ يسوعُ هو فعلاً "الرَّبّ"، وهو فعلا في محور حياته وهو الحياة كلّها.
التلميذ لديه محدوديّاته كأي كائن بشريّ آخر ويرتكب الأخطاء، وعليه أن يقرّ بها بتواضع، لكن ينبغي أن يحافظ على وحدة القلب ويكون نزيهًا مع نفسه والآخرين.
إزدواجيّة القلب ليست ميزة مسيحيّة: إمّا يكون لكّ روح المسيح أم روح العالم!
وقال البابا بعدها إنَّ خبرة الكاهن تعلّمه شيئا جميلاً وهامًا: إنّه استضافة شعب الله الأمين والقدّوس، إنّه كوب الماء البارد الذي يُعطى بإيمان عطوف، وهذا الأمر يساعد الكاهن على أن يكون كاهنًا صالحا. وأكّد البابا أنّه إذا تخلّى المرسل عن كلّ شيء من أجل يسوع، يرى فيه الأشخاص الربّ ويساعدونه في الوقت نفسه على الارتداد يوميًا إلى الرَّبِّ وعلى التجدّد والتطهير من المساومات وتخطي التجارب. في الختام أكّد البابا أنّ العذراء مريم أخبرت في المقام الأوّل ما معنى أن تحبّ يسوع وتنفصل عن ذاتها معطية معنى جديدًا للرُّبط العائليّة بدءًا من الإيمان فيه.
في أعقاب تلاوة صلاة التبشير الملائكيّ قال البابا إنّ الخامس من تمّوز يوليو الجاري يُصادف عيد الاستقلال في فنزويلا. وأكّد أنّه يصلّي على نيّة هذه الأمّة العزيزة معبرًا عن قربه من العائلات التي فقدت أبناءها في التظاهرات الأخيرة. وأطلق نداءً من أجل وضع حدٍّ لأعمال العنف والتوصل إلى حلول سلمية وديمقراطيّة للأزمة الرّاهنة. وبعد أن حيّا وفود الحجّاج والمؤمنين القادمين من روما وإيطاليا ومناطق أخرى من العالم، لاسيّما من إيرلندا الشمالية والسويسرا، تمنّى البابا للكلّ أحدًا سعيدا وغداء شهيًا، وسأل المؤمنين أن يصلّوا من أجله.
إذاعة الفاتيكان.