التقى البابا فرنسيس هذا الخميس في بازيليك القديس يوحنا اللاتيران بروما كهنة مختلف رعايا الأبرشية لمناسبة بداية زمن الصوم وهو لقاء تقليدي يجمع هؤلاء الكهنة بأسقف روما في يوم الخميس التالي لأربعاء الرماد.
وقدّم البابا تأملاً حول موضوع "تقدّم الإيمان في حياة الكاهن" وذكّر بما جاء في التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية الذي يؤكد أن نمو الإيمان يتطلب أن يتغذى المؤمن من كلمة الله وأن يسأل الرّبّ أن يزيده إيمانًا.
وتوقف البابا عند نقاط ثلاث: الذاكرة والرّجاء وتمييز الأزمنة.
ولفت إلى أن الذاكرة تترسخ في إيمان الكنيسة وفي إيمان الآباء؛ الرّجاء هو ما يعضد المؤمن في إيمانه والتمييز يساعد المؤمن على عيش إيمانه الذي يعمل بواسطة المحبة.
وشدد البابا في هذا السياق على ضرورة أن يتذكّر الإنسان النِعَم التي نالها فيما يفتح الرّجاء الإيمان على مفاجآت الله الذي هو أكبر وأعظم مما يمكننا أن نتخيّل. أمّا تمييز الأزمنة فهو ما يجعل إيماننا ملموسَا ويسمح لنا بتقديم شهادة ذات مصداقية.
بعدها انتقل البابا إلى الحديث عن أهمية النمو في الإيمان وتوجّه إلى كهنة أبرشية روما مذكرًا إيّاهم بأن الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل" يسلط الضوء على هذا الموضوع الهام ومن هذا المنطلق لا بد من إيلاء اهتمام خاص بمسيرة التنشئة والنضوج الإيماني.
وأشار البابا إلى أن النضوج في الإيمان يتم من خلال اللقاءات مع الرّبّ على مدى حياة الإنسان، لاسيما التلميذ والمرسل والطالب الإكليريكي والكاهن والأسقف. هذا وأكد البابا أن صليب المسيح ينبغي أن يبقى محور الحياة الإيمانية لأن الإيمان يرتكز دائمًا إلى الصليب وأوضح أن الإيمان يتغذى من الذاكرة، ذاكرة العهد الذي أقامه الرّبّ معنا ومع آبائنا وأجدادنا.
كما أن الإيمان يثبت وينمو بفضل الرّجاء أيضًا، لأنّ الرّجاء هو المرساة الموجودة في السماء والتي تساعدنا على رؤية وجه الرّبّ في أوجه الفقراء والمحتاجين والأشخاص الذين نمد لهم يد العون في هذه الدنيا.
وعاد البابا ليتحدث عن أهمية التمييز الذي يحمل في طياته فعل الإيمان بالمسيح الحاضر في الأشخاص الفقراء والصغار وفي الخروف الضال. وأشار أيضًا إلى أهمية وميزة إيمان سمعان بطرس: إنه إيمان ممتحن، ووُلدت منه مهمة تثبيت الأخوة في الإيمان. ويتحدث الإنجيل عن أشخاص آخرين كان لهم إيمان كبير، بينهم وثنيون شأن قائد المائة الذي طلب من الرّبّ أن يشفي عبده.
وفي معرض حديثه عن نمو الإيمان شاء البابا فرنسيس أن يسلط الضوء على إيمان القديس بطرس الذي واجهته التجربة طوال حياته. فقد اعترف هذا الرجل بأن الرّبّ يسوع هو ابن الله الحيّ، وبعدها ارتكب أسوأ الخطايا شأن نكران الرّبّ. من هذا المنطلق ـ تابع البابا يقول ـ لا بد أن يصلي الكهنة باستمرار إلى الله كي يعضد إيمانهم حتى ينضج هذا الإيمان ويقوّي إيمان الأشخاص الموكلين إلى رعاية الكاهن.
وشدد البابا فرنسيس على أن الكاهن أو الأسقف الذي لا يشعر بأنه خاطئ ولا يعترف بالخطايا ينغلق على ذاته ولا ينمو في الإيمان. كما أن النمو في الإيمان يتطلب الرغبة في البحث عن خير الآخرين والسعي إلى مساعدتهم.
وذكّر البابا كهنة أبرشية روما بما كان يقوله القدماء: إن الإيمان ينمو من خلال القيام بأعمال الإيمان، وعاد ليشير في الختام إلى إيمان القديس بطرس الرسول الذي حاول أن يتعلم من الأخطاء التي ارتكبها عندما وبخه الرّبّ.
وقد بكى بكاء مرا بعد أن نكر الرب ثلاث مرات مع أنه كان صادقًا عندما قال ليسوع إنه لن يخونه أبدًا وإنه مستعد ليموت معه. وأكد البابا في ختام تأملاته مع كهنة أبرشية روما أن القديس بطرس الرسول عاش مراحل مختلفة من حياته الإيمانية لكنه في نهاية المطاف تعلّم درسًا واحدًا: ألا وهو أن الرب قوّى إيمانه كي يتمكن بدوره من تقوية وترسيخ إيمان الآخرين!
إذاعة الفاتيكان.