التقى البابا فرنسيس صباح اليوم الإثنين في الفاتيكان مسؤولي وأعضاء الإدارة الوطنية لمكافحة المافيا والإرهاب في إيطاليا. ووجّه لضيوفه خطابًا استهله معربًا عن سروره للقائهم في الفاتيكان، وأكّد بعدها أن المهام التي أسندتها الدولة إلى هذه الهيئة تتمثل في ملاحقة الجرائم والجنح التي ترتكبها منظمات إجرامية تحمل صبغة مافيوية - وهي المافيا، الكامورا والندرانغيتا - والتي تحاول الإفادة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهي بالتالي تجد أرضًا خصبة لتحقيق مخططاتها المقيتة.
ولفت إلى أن الإدارة الوطنية تُعنى أيضًا بمكافحة الإرهاب الذي بات يتخذ بعدًا مدمرًا وشاملاً. وحيَّى البابا في هذا السياق الجهود الحثيثة التي يبذلها أعضاء هذا الجهاز على الرغم من كل المخاطر التي يتعرضون لها، لافتًا إلى أهميّة التحرر من قبضة المنظمات الإجرامية المسؤولة عن العنف.
لم يخلُ خطاب البابا من الإشارة إلى حاجة المجتمع للتخلص من آفة الفساد والإبتزاز والإتجار غير المشروع بالأسلحة والمخدرات والإتجار بالبشر، ومن بين هؤلاء العديد من الأطفال الذين يُستعبدون.
وأكدّ أن كل هذه الممارسات ليست إلا آفات إجتماعية تشكل في الآن معًا تحديات عالميّة لا بد أن تتوحد الجماعة الدولية في التصدّي لها بحزم. وأشار إلى أن جهود مكافحة الجريمة هذه تتم غالبًا بالتعاون مع المحققين والأجهزة الأمنية في بلدان أخرى وهذا أمر يساهم في تعزيز أمن الجميع. وأكد البابا فرنسيس أن المجتمع يعوّل على مهنية وخبرة القضاة المحققين الملتزمين في مكافحة الجريمة المنظمة واستئصالها.
وحث البابا ضيوفه على تعزيز التزامهم في مجال التصدي للإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، واصفًا هذه الممارسات بالجرائم الخطيرة التي تستهدف أضعف الضعفاء. كما شدد فرنسيس على أهمية توفير الدعم والحماية للضحايا الباحثين عن السلام وعن غد أفضل معتبرًا أن الأشخاص الذين يفرون من بلدانهم بسبب الحرب والعنف والإضطهاد يحق لهم أن يجدوا استقبالاً لائقًا وحماية ملائمة من قبل الدول التي تعتبر نفسها متحضرة! وسلّط البابا الضوء على الدور الواجب أن تلعبه المدارس والمؤسسات والعائلات والجماعات المسيحية المدعوة إلى توعية الأشخاص على المبادئ الخلقية والشرعية والنزاهة والتضامن.
وفي سياق حديثه عن ظاهرة المافيا أكد البابا فرنسيس أنها تشكل تعبيرًا عن ثقافة الموت ولا بد من مواجهتها كما أنها تتعارض مع الإيمان والإنجيل لأن من يتبعون المسيح تحركهم أفكار السلام والأخوة والعدالة والضيافة والغفران.
وأشار البابا إلى الجهود التي تقوم بها الرعايا والمؤسسات الكاثوليكية من أجل القضاء على جذور الجريمة المنظمة والفساد، وهذا الأمر يشكل تعبيرًا عن قرب الكنيسة الكاثوليكية ممن يعيشون أوضاعًا مأساوية ويحتاجون إلى المساعدة للخروج من دوامة العنف والتجدد في الرّجاء.
في ختام كلمته سأل البابا الرّبّ أن يمنح ضيوفه القوة والشجاعة كي يتمكنوا من متابعة نشاطهم والتصدّي للفساد والعنف والمافيا والإرهاب، معربًا عن إدراكه بأن النشاط الذي يقوم به هؤلاء الرجال تترتب عليه مخاطر على حياتهم وحياة عائلاتهم معربًا عن قربه منهم جميعًا.
هذا وطلب البابا إلى الله العادل والرحوم أن يُلامس قلوب الرجال والنساء المنتمين إلى مختلف عصابات المافيا كي يتوقفوا عن صنع الشرور ويرتدّوا ويبدّلوا حياتهم، مؤكدًا أن المال الناتج عن الصفقات القذرة والجرائم المافيوية هو مال ملطخ بالدماء ويولّد سلطة شريرة.
إذاعة الفاتيكان.