بشارة، إضطهاد وصلاة

متفرقات

بشارة، إضطهاد وصلاة

 

بشارة، إضطهاد وصلاة

 

 

بشارة، إضطهاد وصلاة هذه هي النقاط الثلاثة التي تمحورت حولها عظة قداسة البابا فرنسيس في القدّاس الإلهيّ الذي ترأسه صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان والتي وصف فيها حياة بولس الرَّسول، وسلّط الضّوء فيها على المثال الذي يقدّمه لنا بولس الرّسول اليوم: إعلان الإنجيل بين اضطهادات العالم وتعزيات الرّب.

 

قال الأب الأقدس إنّ حياة القدّيس بولس هي حياة في مسيرة دائمة، إذ لا يُمكننا أبدًا أن نتصوّر القدّيس بولس يستريح مستلقيًا على شاطئ البحر، إنّه رجل في مسيرة دائمة. استهلّ الحبر الأعظم عظته انطلاقـًا  من كتاب أعمال الرّسل (22/ 30 -23 ، 6 / 11) ليتوقّف فيها عند ثلاثة أبعاد من حياة القدّيس بولس.

 

البعد الأوّل هو البشارة والإعلان، لقد كان بولس يتنقّل من مكان إلى آخر ليعلن المسيح، وعندما لم يكن يبشّر كان يعمل ولكنّه كان يبشّر بنسبة أكبر، فهو قد دعي ليبشّر بيسوع المسيح ويعلنه، وقد شكّل هذا الأمر شغفًا بالنسبة له. لم يكن جالسًا أمام مكتبه لا! بل كان في مسيرة دائمة. يسير حاملاً قدمًا بشارة يسوع المسيح. لقد كان يحمل في داخله نارًا وحماسًا رسوليًّا يدفعه للسَّير قدمًا ولم يكن يتراجع أبدًا. وهذا هو أحد الأبعاد الذي حمل له صعوبات كبيرة.

 

إنّ البُعد الثاني لحياة القدّيس بولس هي الصّعوبات التي كان يواجهها وبشكل أوضح الاضطهادات وفي القراءة الأولى التي تقدّمها لنا الليتورجيّة قرأنا أنّ الأَحبارَ والمَجلِسَ قد اجتمعوا ليتّهموه، وبالتالي تمّت محاكمته لأنّه كان يحرّض الشّعب.

 

لكن الرّوح القدس ألهم بولس بعض الحنكة، وإذ كان يعرف أَنَّ فَريقـًا مِنهُم صَدُّوقيّ، وفَريقـًا فِرِّيسيّ؛ وبِأَنَّ الصَّدُّوقِيِّينَ ينكِرونَ القِيامَةَ والمَلائِكَةَ والرُّوح، وأَمَّا الفِرِّيسِيُّونَ، فيُقِرُّون بِها جَميعًا. ولكي يخلّص نفسه من هذا الموقف صاحَ في المَجلِس: "أَيُّها الإخوَة، أَنا فِرِّيسيٌّ ابنُ فِرِّيسيّ، فمِن أَجلِ الرَّجاءِ في قِيامَةِ الأَمواتِ أُحاكَم". فما قالَ ذلك، حتَّى وَقعَ الخِلافُ بَينَ الفِرِّيسِيِّينَ والصَّدُّوقِيِّينَ، وانشَقَّ المَجلِس. لقد كان هؤلاء حرّاس الشّريعة وحرّاس عقيدة شعب الله ولكن كلّ فريق كان يؤمن بشيء مختلف. في الحقيقة كان هؤلاء قد فقدوا الشّريعة وفقدوا الإيمان أيضًا لأنّهم حوّلوه إلى مجرّد إيديولوجيّة.

 

وبالتالي اضطّر القدّيس بولس أن يواجه هذا كلّه، لقد كان البعد الأوّل في حياته الإعلان والحماس الرّسوليّ لحمل يسوع المسيح، والثاني تحمّل الآلام والاضطهادات أمّا الثالث فهو الصّلاة، لقد كان القدّيس بولس يتحلّى بعلاقة حميمة مع الرّب. هذا المكافح والمبشّر الذي لا يعرف الآفاق والحدود كان يعيش هذا البعد الصوفيّ للقاء مع يسوع. وقد كانت قوّته في هذا اللقاء مع الرَّبّ في الصّلاة، تمامًا كما كان أوّل لقاء على طريق دمشق عندما كان يضطهد المسيحيِّين. بولس هو الرَّجل الذي التقى بالرَّبّ ولم ينسَ هذا اللقاء أبدًا بل كان على الدوام يسمح للرَّبّ أن يجده ويلتقيه. لقد كان رجل صلاة.

 

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول هذه هي المواقف الثلاثة التي يعلّمنا إيّاها بولس من خلال هذه القراءة: الحماس الرَّسوليّ لإعلان يسوع المسيح، الصّمود إزاء الاضطهادات والصّلاة أي اللقاء بالرَّبِّ والسماح له بأن يلتقي بنا، وهكذا كان بولس يسير بين اضطهادات العالم وتعزيات الرَّبّ، ليمنحنا الرَّبّ هذه النعمة لنا جميعًا نحن المعمّدين أن نتعلّم هذه المواقف الثلاثة في حياتنا: إعلان يسوع المسيح الصمود إزاء الاضطهادات والإغراءات ونعمة اللقاء بيسوع المسيح في الصّلاة.   

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.