"بدون المرأة لا وجود للتناغم في العالم" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئّسًا القدَّاس الإلهيّ صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القدِّيسة مرتا بالفاتيكان، والتي تمحورت حول صورة المرأة انطلاقًـًا من رواية الخلق التي يقدّمها لنا سفر التكوين، فالرجل والمرأة مختلفان ولكن لا أحد منهما أفضل من الآخر ولكن المرأة هي التي تحمل التناغم إلى العالم.
تابع البابا فرنسيس تأمّله الصباحي اليوم أيضًا في إطار الخلق من سفر التكوين وقال خلق الربُّ الحيوانات من جميع الأشكال لكن آدم لم يجد له فيهم "عونًا بإزائه" وبالتالي كان وحيدًا، لذلك أوقع الرَّبُّ الإِلَهُ سُباتًا عَلى آدَم. فَنامَ فَاستَلَّ إِحدى أَضلاعِهِ وَسَدَّ مَكانَها بِاللَّحم. وَبَنى الرَّبُّ الإِلَهُ الضِّلعَ الَّتي أَخَذَها مِن آدَمَ امرَأَة، فَأَتى بِها آدَم الذي رأى فيها لحمًا من لحمه، لكنّه وقبل أن رآها حلم بها لأنّه لكي يتمكّن المرء من فهم المرأة عليه أوّلاً أن يحلم بها.
عندما نتحدّث عن النساء غالبًا ما نقوم بذلك بالإشارة إلى ما يقُمن به على سبيل المثال "لقد خلقت المرأة لتفعل كذا وكذا..." ولكن المرأة تحمل غنى في داخلها لا يُمكن للرجل أن يحمله، هي تحمل تناغم الخليقة. عندما تغيب المرأة يغيب التناغم. عندما نتحدّث نقول غالبًا أنّنا نعيش في مجتمع ذات طابع ذكوري تغيب عنه المرأة؛ وإن سأل أحد عن دور المرأة يأتي الجواب: "أجل، دور المرأة في غسل الصحون..." لا! لأنّ دور المرأة يكمن في حملها للتناغم، وبدونها لا وجود للتناغم. صحيح أنّ الرجل والمرأة مختلفان وأن ما من أحدٍ بينهما أفضل من الآخر لكنّ الرّجل لا يحمل التناغم أمّا المرأة فنعم! هي تحمل التناغم وتعلّمنا الحنان والمحبّة وتجعل من العالم مكانًا جميلاً.
تمحورت عظة الحبر الأعظم بعدها حول ثلاثة مواضيع: عزلة الرّجل، الحلم ومصير الإثنين أي "فَيَصيرانِ جَسَدًا واحِدًا"، وتحدّث الأب الأقدس في هذا السياق عن حدث ملموس عن لقائه بزوجين خلال المقابلة العامّة كانا يحتفلان بالذكرى الستين لزواجهما فسألهما: "من كان أكثر صبرًا بينكما؟" وتابع البابا ساردًا نظرا إلي ونظرا كلّ في عيني الآخر – ولا يسعني أن أنسى تلك العيون – ونظرا إليّ وأجابا معًا: "لا نزال مُغرَمين".
بعد ستين عامًا من الزواج هذا ما تعنيه العبارة "فَيَصيرانِ جَسَدًا واحِدًا". هذا ما تحمله المرأة: القدرة على الحبّ والتناغم للعالم. غالبًا ما نسمع من يقول: "ليس ضروريًّا في هذا المجتمع أو في هذه الشّركة أن يكون هناك وجود نساء للقيام بهذه الأمور..." لا لأنّ هدف المرأة ليس القيام بأمور معيّنة! صحيح أنّه لديها أمور ينبغي عليها أن تعملها تمامًا كأي شخص آخر ولكنّ هدف وجودها هو صنع التناغم لأنّه بدونها لا وجود للتناغم في العالم. إن استغلال الأشخاص لجريمة كبيرة ضدّ البشريّة ولكن استغلال المرأة هو جريمة أكبر لأنّه تدمير للتناغم الذي أراده الله للعالم.
هذه هي عطيّة الله الكبيرة: لقد منحنا المرأة! وقد سمعنا في إنجيل القدّيس مرقس حول المرأة الوثنيّة الفينيقيّة عمّا يمكن للمرأة أن تصنعه. إنّها امرأة شجاعة. ولكن أكثر من الشّجاعة المرأة هي التناغم والشّعر والجمال وبدونها لن يكون العالم بهذا الجمال وبهذا التناغم. وفي هذا السِّياق يطيب لي أن أفكّر – وهذا أمر شخصيّ – أن الله خلق المرأة لكي يكون لنا جميعًا أمّهات!
إذاعة الفاتيكان.