"لنجثو لنرفع الصّلاة معًا لإله السّلام، مُتخطّين الانقسامات الدينيّة، إلى أن نشعر بالخجل بسبب الحرب وبدون أن نُغلق آذاننا على صرخة ألم من يُعاني" هذا هو الرّوح الذي انطلق به الأب الأقدس إلى أسيزي وقد شرحه في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الثلاثاء في كابلة بيت القدّيسة مرتا.
قال الأب الأقدس: لا يوجد إله للحرب. الحرب هي وحشيّة قنبلة تنفجر مُسببة العديد من القتلى والجرحى، وتقطع الدّرب أمام المساعدات الإنسانيّة فلا تصل إلى الأطفال والمُسنّين والمرضى؛ إنّها فقط عمل الشرير الذي يريد أن يقتل الجميع. لذلك من الأهميّة بمكان أن نصلّي وأن نبكي أيضًا من أجل السّلام، جميع الديانات متحدة في القناعة بأنّ الله هو إله السّلام.
اليوم سيزور أسيزي رجال ونساء من جميع الديانات، ليس من أجل تقديم عرض معيّن وإنّما وبكلّ بساطة للصّلاة من أجل السّلام، وذكّر البابا في هذا السّياق بلقاءات الصلاة التي نظمّها الأساقفة تزامنًا مع هذا اللقاء في جميع أنحاء العالم إذ دعوا الكاثوليك والمسيحيّين والمؤمنين وجميع الرّجال والنساء ذوي الإرادة الصّالحة، من أي ديانة كانوا، ليصلّوا من أجل السّلام لأنّ العالم في حرب وهو يعاني!
تنتهي القراءة من سفر الأمثال (21/ 13) بهذا القول: "مَن سَدَّ أُذُنَهُ عَن صُراخِ الكَسير، فَهُوَ أَيضًا يَصرُخُ وَلا يُسمَعُ لَهُ"؛ وبالتالي فإن سدّينا آذاننا عن صراخ هؤلاء الأشخاص الذين يعانون تحت القنابل أو بسبب استغلال تجّار الأسلحة فعندما سنصرخ بدورنا طالبين المساعدة لن يُصغي إلينا أحد. لا يمكننا أن نسدَّ آذاننا عن صرخة ألم إخوتنا وأخواتنا هؤلاء الذين يعانون بسبب الحرب.
نحن لا نرى الحرب، نخاف عندما نرى اعتداءً إرهابيًّا في مكان ما ولكن هذا ليس بشيء مقارنة مع ما يحصل في تلك البلدان التي تنهال فيها القنابل كالمطر وتقتل الأطفال والمُسنّين والرّجال والنساء...
هل الحرب بعيدة عنّا؟ لا، إنّها قريبة جدًّا وأكثر ممّا يمكننا أن نتصوّر لأنّ الحرب تبدأ في القلوب. ليمنحنا الربّ السّلام في قلوبنا ولينزع منّا كلّ جشع وطمع ونزاع. لتكن قلوبنا قلوب رجال ونساء سلام ولنذهب أبعد من الانقسامات الدينيّة لأنّنا جميعنا أبناء الله والله هو إله سلام! لا يوجد أبدًا إله للحرب ومن يصنع الحرب هو الشيطان الذي يريد هلاك الجميع.
إزاء هذه الأمور لا يمكننا أن نتوقّف عند الانقسامات الدينيّة كما وأنّه لا يكفي أن نشكر الله لأنّ الحرب بعيدة عنّا، علينا أن نشكره بالتأكيد وإنّما علينا أيضًا أن نفكّر بالآخرين. لنفكّر اليوم ليس بالقنابل والموتى والجرحى فقط وإنّما أيضًا بالناس – أطفال ومسنّين – الذين لا تصلهم المساعدات الإنسانيّة والأغذية والأدوية، إنهم جائعين ومرضى، والقنابل تمنعهم من الحصول على هذه المساعدات.
وفيما سنرفع صلواتنا اليوم سيكون من الجميل أن نشعر بالخجل بسبب هذه الأمور وبأن البشر إخوتنا هم قادرون على القيام بهذه الأمور الفظيعة. اليوم هو يوم صلاة وتوبة وبكاء من أجل السّلام؛ يوم لنسمع فيه صرخة الفقراء؛ تلك الصرخة التي تفتح القلوب على الرّحمة والمحبّة وتخلّصنا من الأنانيّة.
إذاعة الفاتيكان.