"لنتنبّه من إتباع الخيالات والأصنام، لأن الله هو الوحيد الذي يحبّنا كأب وينتظرنا على الدوام" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان، وسلّط الضوء في تأمّله الصباحي على محبّة الله لشعبه بالرغم من خيانته وعدم أمانته، وأكّد البابا في هذا السياق أنّه سيساعدنا اليوم أن نسأل أنفسنا إن كنا نبتعد عن الرّبّ ونذهب خلف الأصنام وروح العالم.
قال البابا إن الله قد حلم شعبه، ولكن الشعب قد خيّب أمله. استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من سفر الخروج ( 32/ 7 -14) ليتوقّف فيها عند حلم الله وخيبة أمله وقال إن الشعب هو حلم الله، لقد حلم به لأنّه يحبّه أما الشعب فقد خان حلم الآب ولذلك بدأ الله يشعر بخيبة الأمل وطلب من موسى أن ينزل من الجبل الذي كان صعده لينال الشريعة وقال له: "هَلُمَّ انزِل، فقَد فَسَدَ شَعبُكَ الَّذي أَخرَجته مِن أَرضِ مِصر، قد حادوا سَريعًا عنِ الطَّريقِ الَّذي أَمَرتُهم بِسلوكِه وصَنَعوا لَهُم عِجلاً مَسبوكًا، فسَجَدوا لَه وذَبَحوا لَه وقالوا: هذِه آلِهَتُكَ، يا إِسرائيلُ، الَّتي أَخرَجَتكَ مِن أَرضِ مِصر".
النبي باروك في هذا السياق جملة تصف هذا الشعب وصفًا كاملاً: "نسيتم الإله الأزلي الذي يرزُقكم وأحزنتم أورشليم التي ربّتكم" (باروك 4، 8). وهذه هي خيبة أمل الله: أن ننسى الله الذي خلقنا وكبّرنا ورافقنا في الحياة. وكم من مرّة يتحدّث يسوع في الإنجيل وفي الأمثال عن ذلك الرجل الذي غرس كرمًا وفشل لأن الكرامين أرادوا أن يستولوا عليه. في قلب الإنسان قلق دائم! لا يرضيه الله ومحبّته الأمينة بل يسعى دائمًا عن الخيانة وهذه هي التجربة.
ولذلك وبّخ الله، بواسطة الأنبياء، هذا الشعب الفاسد الذي لا يعرف كيف ينتظر ويبتعد عن الإله الحقيقي ويبحث عن إله آخر.
وهذه خيبة أمل الله: عدم أمانة الشعب... ونحن أيضًا شعب الله ونعرف جيّدًا كيف هو قلبنا وأنّه ينبغي علينا يوميًّا أن ننطلق في مسيرتنا مجددًا لكي لا نسقط ببطء في عبادة الأصنام والخيالات وروح العالم، أي أن نسير نحو الخيانة. سيساعدنا اليوم أن نفكّر بالرب الذي خاب أمله ونسأله: "يا رب هل خاب أملك بي؟" هناك شيء بالتأكيد قد خيّب أمله بي، لذلك سيساعدنا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال ونتأمّل به.
الله يملك قلبًا حنونًا، قلب أب، وذكّر في هذا السياق ببكاء يسوع على أورشليم، وقال لذلك على كلٍّ منا أن يسأل نفسه: "هل يبكي الله من أجلي؟" "هل خاب أمله بي؟" "هل ابتعدتُ عن الرب؟"، "كم هي الأصنام التي تستعبدني والتي لا يمكنني أن أتحرر منها؟" لنفكّر اليوم بخيبة الأمل التي سببناها لله الذي يحبنا فيما ذهبنا بحثًا عن حب غير حبّه؛ وعندما ابتعدنا عن الله الذي ربانا.
سيساعدنا أن نتأمّل في هذه الفكرة خلال زمن الصوم، وأن نقوم يوميًّا بفحص ضمير صغير: "يا رب لقد حلمت بي كثيرًا، ولكنني ابتعدت عنك؛ فقُل لي كيف يمكنني أن أعود إليك..." وستكون المفاجأة أن الله ينتظرنا على الدوام كما كان الأب ينتظر عودة ابنه الضال.
إذاعة الفاتيكان.