"الله لا يترك الأبرار أبدًا فيما أنّ الذين يزرعون الشرّ يكونون كالغرباء بالنسبة إليه، ولن يُذكر اسمهم في السّماء" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان.
استهلّ الأب الأقدس عظته إنطلاقـًا من القراءات التي تقدّمها الليتورجيّة لينتقل بعدها للحديث في عظته عن التّجارب التي يتعرّض لها المؤمنون في حياتهم والتي تهدّد أحيانًا إيمانهم المسيحيّ المتجذّر، وقال لماذا يحدث هذا كلّه؟ "وما المَنفَعَةُ في حِفظِنا مَحفوظاتِهِ، في مَشيِنا بِالحِدادِ أَمامَ رَبِّ الجُنود؟" كما نقرأ في القراءة الأولى من سفر ملاخي (3/ 13-20)، فيما أنّ صانِعي النِّفاقِ قد أفلحوا، جَرَّبوا اللهَ ونَجَوا؟ كم من مرّة نرى هذا الواقع: أشخاص أشرار وأشخاص يصنعون الشرّ ويبدو لنا أنّهم ينجون بأفعالهم: هم سعداء، يفعلون ما يحلو لهم ولا ينقصهم شيئًا. لماذا يا ربّ؟ إنّه أحد الأسئلة العديدة التي نطرحها... لماذا هذا الشّخص الوقح الذي لا يهمُّه الله ولا الآخرين، أضف إلى ذلك أنّه شرير وظالم، ليس لديه مشاكل، يملك كلّ ما يتمناه ونحن الذين نريد أن نصنع الخير ونكون أبرارًا نواجه العديد من المشاكل؟
يأتينا الجواب على سؤالنا هذا من المزمور (1/ 1 - 2) الذي سمعناه: "طوبى لِمَن لَم يَسلُك وَفقَ مَشورَةِ ٱلآثِمين، وَلَم يَتَوَقَّف في سُبُلِ ٱلخاطِئين... لَكِن بِشَريعَةِ ٱلرَّبِّ سُرورُهُ". وأضاف البابا شارحًا بأنّه لا يمكننا الآن أن نرى ثمار هؤلاء الأشخاص الذين يتألمون والذين يحملون الصّليب، تمامًا كما لم يكن بإمكاننا أن نرى ثمار ابن الله المصلوب وآلامه يومَي جمعة الآلام وسبت النّور. وماذا يقول لنا المزمور عن الأشرار، أولئك الذين نعتقد بأنّ كلّ شيء بالنسبة إليهم يسير على أكمل وجه؟ لَيسَ كَذَلِكَ ٱلأَشرارُ، لَيسوا كَذَلِك بَل إِنَّهُم كَٱلعُصافَةِ ٱلَّتي تَذروها ٱلرِّياح، لأَنَّ ٱلرَّبَّ عالِمٌ بِطَريقِ ٱلصِّدّيقين أَمّا طَريقُ ٱلأَشرارِ فَتُؤَدي إِلى ٱلهَلاك". (مز 1/ 6)
تابع الأب الأقدس مذكّرًا بالمثل الذي يقدّمه لنا الكتاب المقدّس (لو 11/ 5-13) عن لعازر مثال البؤس المحتّم والرّجل الغنيّ الذي كان يحرمه حتى من الفتات المُتساقط عن موائده، وقال غريب أنّ الكتاب المقدّس لا يذكر اسم ذلك الرّجل، يستعمل فقط صفة "غنيّ" ليتحدّث عنه. ففي كتاب ذكرى الله ليس هناك أسماء للأشرار، يشار إليهم بالصّفات فقط. أمّا الذين يسيرون في درب الرّبّ فسيكونون على مثال ابنه والذي اسمه يسوع المخلّص. إسم يصعب فهمه كما يصعب تفسيره أيضًا بسبب الصّليب وكلّ ما تحمّله من آلام لأجلنا.
إذاعة الفاتيكان.