إنّ الصّليب موجودٌ دائمًا في المسيرة المسيحيّة، الحياة المسيحيّة ليست مجرّد "صفقة تجاريّة" بل هي "مجرّد إتّباع يسوع".
يُخبرنا إنجيل القدّيس مرقس 10: 28-31: "ها نحن قد تركنا كلّ شيءٍ وتبعناك" وبيّن جواب يسوع "السخيّ" حين أجاب: "الحقّ أقول لكم: ما من أحدٍ ترك بيتًا أو إخوةً أو أخوات أو أمًّا أو أبًا أو بنين أو حقولاً من أجلي وأجل البشارة إلاّ ونال الآن في هذه الدنيا مائة ضعف من البيوت والإخوة والأخوات والأمّهات والبنين والحقول مع الإضطهادات، ونال في الآخرة الحياة الأبديّة".
بطرس اعتقد بأنّ "إتّباع يسوع" هو "صفقة تجاريّة" إذ ستجعله يكسب مئات الأضعاف ولكنّ يسوع بنفسه قال هذا الرّبح سيتخلّله إضطهادات. نعم، أنتم تركتم كلّ شيء من أجل اتّباع يسوع ولكنّكم ستعيشون الإضطهاد. الصّليب هو مفتاح الحياة المسيحيّة.
تذكّروا نصّ التطويبات عندما قال يسوع: "طوبى لكم إذا شتموكم واضطهدوكم وافترَوا عليكم كلّ كذِب من أجلي" ثمّ إنّ الرّسل بعد أن حلّ عليهم الرّوح القدس بدأوا يبشّرون وشرعوا يعيشون الإضطهادات: سُجن القدّيس بطرس، إسطفانوس قُتل والكثير من الرّسل لا يزالون يموتون حتّى يومنا هذا. لدينا الكثير من الإخوة والأخوات والأمّهات والآباء في الجماعة المسيحيّة إنّما نعاني أيضًا الإضطهادات لأنّ العالم لا يسمح بألوهيّة المسيح ولا يسمح بإعلان الإنجيل ولا يسمح بالتطويبات.
الكثير من المسيحيّين تمّ اضطهادهم منذ الكنيسة الأولى حتى اليوم، منذ أيّام الشيوعيّة والنازيّة... واليوم أيضًا بالرّغم من الثقافة التي نعيش فيها نجد أيضًا أنّ المسيحيّين يتمّ اضطهادهم بشكل أكبر. "يُضطهَدون لأنّهم يحملون الإنجيل فلا يستطيعون أن يرسموا إشارة الصّليب على صدورهم. هذا طريق يسوع، ولكنّه طريق مملوء من الفرح لأنّ الرّبّ لا يسمح بأن نحمل أكثر ممّا نستطيع.
إنّ الحياة المسيحيّة ليست صفقة تجاريّة: إنّها اتّباع يسوع بكلّ بساطة! وهذا ما يحصل عندما نتبع يسوع. لنفتكر بإخوتنا وأخواتنا الذين لا يستطيعون أن يصلّوا معًا لأنّهم مُضطهَدون، لا يستطيعون قراءة الإنجيل أو الكتاب المقدّس لأنّهم مُضطهَدون. لنفكّر أيضًا بإخوتنا الذين لا يستطيعون الذهاب إلى القداس لأنّه ممنوع.
كم من المرّات يأتي كاهن سرًّا ويجتمعون حول المائدة متظاهرين بأنّهم يشربون الشّاي ويحتفلون بالقدّاس بدلاً من ذلك؟ هذا ما يحصل اليوم. لنفكّر اليوم إذًا: هل نحن جاهزون لأن نحمل الصّليب تمامًا مثل يسوع؟ هل نحن مستعدّون أن نعاني الإضطهاد من أجل الشّهادة ليسوع تمامًا مثل ما يفعل إخوتنا وأخواتنا الذين يتمّ اضطهادهم الآن.
بابا فرنسيس.