الرسالة في قلب الإيمان المسيحي

متفرقات

الرسالة في قلب الإيمان المسيحي

 

 

 

 

 

 الرسالة في قلب الإيمان المسيحي

 

 

 

 

عقد رئيس اللجنة الأسقفيّة للتّعاون الرّساليّ بين الكنائس ولرعوية المهاجرين والمتنقّلين المطران جورج بو جوده، والمدير الوطني للاعمال الرسوليّة البابويّة في لبنان الخوري روفايل زغيب، مؤتمرًا صحافيًا، في المركز الكاثوليكيّ للإعلام، قدّما خلاله رسالة قداسة البابا فرنسيس بمناسبة اليوم العالميّ للرِّسالات الواحد والتسعين، بعنوان: "الرّسالة في قلب الإيمان المسيحيّ"، ونشير إلى أنّ الأسبوع الإرساليّ العالميّ يمتد من (16 إلى 22 تشرين الأوّل 2017)، ويختتم  نهار الأحد 22 تشرين الأول 2017 بلقاء مع كلّ المتطوعين في بلدان الرّسالة من التاسعة صباحًا حتى الواحدة ظهرًا،  يتخلله الذبيحة الإلهيّة التي سيترأسها المطران جورج بو جوده، في الإكليريكيّة البطريركيّة المارونيّة غزير، الساعة الثانية عشرة ظهرًا.

 

شارك في المؤتمر مدير المركز الكاثوليكيّ للإعلام الخوري عبده أبو كسم، وعدد من الإعلاميِّين والمهتمِّين.

 

الخوري عبده أبو كسم قال:

 

"شرّفني سيادة المطران بولس مطر، رئيس اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام ورئيس هذا المركز أن أرحِّب بكما يا صاحب السيادة المطران جورج بو جوده وبحضرة الخوري روفايل، لتعلنا اليوم رسالة قداسة البابا فرنسيس بمناسبة اليوم العالميّ للرِّسالات الـ91، وفي كلّ سنة يستقبل المركز المدير الوطني للاعمال الرسوليّة البابويّة في لبنان ليُطلق رسالة الحبر الأعظم وليقدم تقريرًا مفصّلاً عن النشاطات التي قام بها هذا المركز في لبنان وفي الشّرق حتى تعرف الكنائس كيفيّة عمله وأهميته لمزيد من الدّعم والتعاون معه.

 

طبعًا الرِّسالة الكنسيّة في أعمال المحبّة وفي الرِّسالات هي من صلب أعمال الكنيسة في العالم. ونحن اليوم بأمسّ الحاجة ألى أن نُحفّذ لدى شبيبتنا ولدى كهنتنا ولدى كلّ المرسلين أهميّة الرّسالة بين الفقراء والمحتاجين والمعوزين ولكلّ من يطلب منّا أن نقوم معه برسالة المحبّة.

 

نحن في لبنان نعمل من خلال مؤسّساتنا الكنسيّة من أجل إعلان رسالة السيِّد المسيح، إعلان الإنجيل، وإعلان أعمال المحبّة التي نعملها من خلالها.  للأسف الكنيسة تتلقى الكثير من الانتقادات في حين أنّه من الواجب أن نكون إلى جانب كنيستنا لكي تستمرّ في رسالتها التبشيريّة وفي رسالة المحبّة.

 

هذه الاتهامات والتجنيّات ليست في محلّها ولا في وقتها، لأنّ الكنيسة تقوم بما يجب أن تقوم به الدّولة ومؤسّسات الدولة في لبنان، إن كان من ناحية التّعليم، أم من ناحية الإستشفاء، أم من ناحية العمل الإجتماعيّ، كلّ هذه هي من أعمال الدّولة، لكن الكنيسة تقوم بهذه الأعمال لأنّها تحمل همّ أبنائها وهمّ بناتها لكي تكون إلى جانبهم.

 

أقول هذا الكلام في هذا اللقاء، لكن لقاؤنا اليوم هو أشمل وأوسع نرتقي به إلى رسالة قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس لكي يحدّثنا عن أهميّة الرّسالة في حياتنا المسيحيّة، هذا ما سيقدّمه لنا سيادة المطران بو جود خلال عرضه لهذه الرّسالة،  آملين أن تجد آذانًا صاغية لدى كلّ من يعنيهم الأمر  وأقصد لدى كلّ إنسان مسيحيّ أكان مكرّسًا أم علمانيًا، نحن كلّنا مدعوّون  إلى أن نحمل رسالة المسيح إلى كلّ العالم".

 

ثمّ كانت كلمة المطران جورج بو جوده جاء فيها:

 

"يقولُ قداسة البابا فرنسيس في رسالتِه التقليديّة بمناسبة اليوم العالميّ الواحد والتّسعين للرّسالات، إنّ الرّسالة هي قلب الإيمان المسيحيّ، لأنّ الكنيسة بطبيعتها مُرسَلة، وإن لم تكن مُرسَلة فهي ليست كنيسة المسيح، ويُضيف أنّ الإنجيل هو بشارة سارّة تحمل في طيّاتها فرحًا مُعديًا، لأنّه يهب حياةً جديدة، حياة المسيح القائم من الموت.

 

وفي لقائِه مع أعضاء الأعمال الرسوليّة البابويّة قرّر قداسته دعوة المؤمنين لتكريس شهر تشرين الأوّل من سنة 2019 للتأمّل والصّلاة على نيّة الرّسالة إلى الأُمم، مذكّرًا برسالة البابا بندكتوس الخامس عشر الدّاعية إلى مثل هذه الرّسالة والصّادرة منذ مائة عام، أي سنة 1919. وقد حضّ قداسته أعضاء الأعمال الرسوليّة البابويّة على أن يجعلوا محبّة الله قريبة من الجميع وبصورة خاصّة أولئك الذّين هم بأمسّ الحاجة إلى رحمتِهِ.

 

ويذكّر البابا بأنّ رسالة الأعمال الرّسوليّة البابويّة لا تقوم فقط على جَمْع التّبرعات لمساعدة المرسلين، وذلك أمر ضروريّ دون شكّ، بل على ضرورة أن يعيش الأعضاء حياة القداسة التّي هي أمر ضروريّ وأساسيّ لفعاليّة الرّسالة. وذلك يفرض على جميع الأعضاء أن يعيشوا الوحدة مع المسيح كلّ يوم أكثر من يوم، وأن يلتزموا عمليًا وبقناعة تامّة، وبفرح كبير، بنقل البُشرى السّارة إلى الجميع، ولذا فعليهم أن يكونوا، رجالاً ونساءً، مميّزين بغيرتهم الرّسوليّة وقداستهم.

 

من ناحية ثانية، يقول قداسته مذكّرًا بما قاله البابا بولس السّادس إنّ الكنيسة، كي تستطيع أن تبشّر فعليها أن تبدأ أوّلاً بتبشير ذاتها. رسالة الكنيسة، يقول البابا ليست إنتشارًا لإيديولوجيّة دينيّة ولا إقتراحًا لأخلاقيّات سامية، لأنّ الإيمان المسيحيّ ليس تيّارًا فكريًا وفلسفيًا مجرّدًا كغيره من التيّارات، والمسيح ليس فيلسوفـًا ومفكّرًا كغيره من الفلاسفة والمفكّرين، بل هو “إبن الله الحيّ”، كما قال بطرس في قيصريّة فيليبوس (متى16/ 16). إنّه القائم في صورة الله، كما يقول بولس في رسالته إلى أهل فيليبي، لم يعدّ مساواته لله غنيمة، بل تجرّد من ذاته متّخذاً صورة العبد، وصار على مثال البشر، وظهر في هيئة إنسان، فوضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصّليب، ولذلك رفعه الله إلى العُلى ووهب له الإسم الذي يفوق جميع الأسماء، كي تجثو لإسمه كلّ ركبة في السّماوات وفي الأرض وتحت الأرض، ويشهد كل لسان أنّ يسوع المسيح هو الرَّبّ، تمجيدًا لله الآب (فيليبي 2/ 6-11).

 

كنيسة المسيح مبنيّة على لقاء وعلاقة شخصيّة بإله إنسان هو يسوع المسيح، وعلى حدث هو حدث القيامة. وخارجًا عن هذين الأمرين لا إيمان مسيحيّ. إذ إنّ هذا اللقاء، كما يقول البابا بندكتوس السّادس عشر، يعطي للحياة أُفقاً جديدًا. لأنّ القيامة ليست حدثاً من الماضي، بل هي تزخر بقوّة حياة إخترقت العالم، حيث كلّ شيء يبدو ميتًا في كلّ مكان، فتظهر بذور القيامة من جديد لأنّها قوّة لا تعادل (فرح الإنجيل276).

 

ويقول قداسة البابا فرنسيس إنّ الرسالة مُلهَمة بروحانيّة خروج مستمرّ وحجّ ومنفى مستمرّين: الخروج من رفاهنا الخاصّ والتحلّي بالشّجاعة للبلوغ إلى جميع الضواحي التي تحتاج إلى نور الإنجيل (فرح الإنجيل20).

 

كلام البابا هذا يُذكّرنا بتعليم البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني في إرشاده الرّسوليّ “رسالة الفادي”، الذي يقول إنّ رسالة المسيح الفادي التّي اؤتمنت الكنيسة عليها ما زالت بعيدة جدًا عن إكتمالها. ومن خلال نظرة إجماليّة إلى البشريّة في نهاية الألف الثاني لمجيئه تظهر الرّسالة وكأنّها لا تزال في بدايتها، وأنّ علينا أن نلتزم بكلِّ قوانا في خدمتها (رسالة الفادي1).

 

لذلك فإنّنا جميعًا، يقول البابا، مستلهمًا البابا يوحنّا بولس الثّاني، مدعوّون للخروج والقيام بهذه الرِّسالة إلى جميع الأمم، وإلى حمل المسيح إليهم، لأنّ الرِّسالة للكنيسة ليست هدفـًا بذاتها، إنّما أداة وديعة ووسيطة للملكوت.

 

فالكنيسة كنيسة المسيح، جسده المصلوب والممجّد، ولهذا فعلينا بالتالي أن نفضّل كنيسة مصابة ومجرّحة وملوّثة، على كنيسة سقيمة بسبب الإنغلاق ورفاهيّة التمسّك بضماناتها الخاصّة (فرح الإنجيل49).

 

الجميع مدعوّون للقيام بهذه الرّسالة، مكرّسين أم علمانيّين، وبصورة خاصّة الشباب الذين هم رجاء الكنيسة، والذين ما زال شخص يسوع المسيح والبشارة التّي أعلنها يجذبان الكثيرين منهم. فهم يبحثون عن سبل لتحقيق شجاعة القلب وإندفاعه في خدمة البشريّة. فعديدون هم أولئك الذين يقدّمون مساعدتهم المتضامنة لمواجهة الشرّ في العالم، ويقومون بأنواع مختلفة من الحملات والتطوّع. فما أجمل أن يكون الشباب سعداء بأن يحملوا يسوع في كلّ شارع، في كلّ ساحة، في كلّ زاوية من الأرض (فرح الإنجيل106).

 

لذلك فإنّ الجمعيّة العامّة العاديّة القادمة لسينودس الأساقفة التي ستعقد في سنة 2018 حول موضوع الشباب والإيمان وتميّز الدّعوات، تبدو فرصة إلهيّة لإشراك الشباب في المسؤوليّة الإرساليّة المشتركة التي هي بحاجة إلى خيالهم الغنيّ وإبداعهم. ولذا فعليهم إستلهام العذراء مريم، أُمّ البشارة التي قبلت كلمة الحياة في عمق إيمانها الوديع، يدفعها الرّوح القدس، لتساعدنا على أن نقول مثلها "نعم" لجعل صدى بشارة يسوع يرنّ في عصرنا هذا، ولتتشفّع بنا كي نقدر على الحصول على الجرأة المقدّسة، جرأة البحث عن طرقٍ جديدة كي تصل عطيّة الخلاص إلى الجميع (رسالة البابا عدد10)".

 

ثمّ كلمة الخوري روفايل زغيب عن أهمّ نشاطات المركز جاء فيها:

 

"دعوةُ قداسةُ البابا فرنسيس إلى فرحِ الإنجيل لا يزال صداها يتردّدُ في أرجاءِ الكنيسةِ اليوم، وهي رؤية قداسته للكنيسة ورسالتها في عالمِ اليوم. فهو لا يتوانى في تكرارها مرارًا في رسائلِهِ ومواعظِهِ، خاصّة في رسائلِهِ إلى اليومِ العالميّ للرّسالات.

 

 

هذه السنة، يُذكّرنا قداسة البابا أنّ الرّسالة هي "قلب الإيمان المسيحيّ" والكنيسة هي بطبيعتِها مُرسَلة، ليس بأعمالها فقط، لأنّها إن لم تكن مرسَلة فَقَدَت هويّتها وسبب وجودها. ومن همومِ قداسةِ البابا ألّا تتحوّل الكنيسة إلى جمعيّة خيريّة توزّعُ المساعدات. ففي آخر لقاءٍ له، وبعفويّةٍ قالَ قداسة البابا للمدراءِ الوطنيّين للأعمال الرسوليّة البابويّة "قَلَّلوا من البوروقراطية وأكثِروا من الشّغفِ، من الحبِ، من إعلانِ الإنجيل!…" في إمكاننا أن نفهمَ هذه الدّعوة من خلالِ أمورٍ ثلاثة: دافع الرّسالة، ومحورها، وعيشها.

 

إنّني في هذه السنة، أشكر لله الشبيبة الذّين ينطلقون بشغفٍ إلى كلّ زاوية من زوايا الأرض، حاملين بشغفٍ وفرح يسوع المسيح إلى كلّ إنسان، لا سيّما الإنسان الضعيف والفقير والمريض. وهنا، أشكر لله المبادراتِ المحليّة من شبّان وشابات ينطلقون إلى خارج لبنان في عملٍ رساليّ تطوعيّ، وكثيرون منهم يعودون إليه حاملين فرح الرّسالة ليزرعوه في قلوب المؤمنين، فيَرَوْا أهميّة الرّسالة في قلب الإيمان المسيحيّ، إذ يكلّلها بالفرح المعديّ المجانيّ.

 

إنّ الأعمال الرسوليّة في لبنان فرحَت كثيرًا بلقاء إخوة وأخوات وكهنة وإكليريكيّين ورهبان وراهبات على دروب الرّسالة السنة الماضية في إثيوبيا، وهذه السنة تفرح بلقاء إخوة انطلقوا إلى بلدان عديدة كالهند والنيبال وكينيا وتشاد ومصر وإثيوبيا وبلدان أخرى، وسنسعى معًا إلى أن نخلق روحًا إرساليّة مشتركة بين كلّ هذه الجماعات لكي نشجّع على الخروج من حدودنا وضماناتنا لنشارك باقي الكنائس بالقليل الذي نحمله، فنغتني من غنى هذه البلدان على الصعيد الثّقافيّ والإنسانيّ والروحيّ.

 

ولكي يتجدّد الشغف والحماس، اللذان هما المحرّك للرّسالة، قَبِلَ قداسة البابا اقتراح الأعمال الرسوليّة البابويّة بالتّعاون مع مَجْمَع تبشير الشّعوب إعلانَ شهر تشرين الأول 2019 زمنًا خاصًّا بالصّلاة والتّفكير في الرّسالة إلى الأمم. وهي مناسبة لنتحضّر لهذه السنة بعيش الرّسالة في قلب الإيمان المسيحيّ  ومن قلب الإيمان المسيحيّ، فتكون رسالتنا فعل محبّة ينبع من فرح لقاء المسيح. وفرح العطاء الذّي نحياه في اليوم العالميّ للرّسالات، من أموالنا ومواهبنا وصلواتنا وقدّاساتنا ما هو إلّا فعل بركة، لأنّ الرَّبّ يبارك المُعطِيَ الفرحان.

 

لذا نرجو من أصحاب السيادة والآباء كهنة الرعايا والرهبان والراهبات ورؤساء المدارس الرسميّة والخاصّة ومعلّمي ومنشطيّ التّعليم المسيحيّ والأساتذة وطلاب المدارس والجامعات ووسائل الإعلام، تفعيل هذا الشهر المبارك، وبخاصّة الأسبوع الإرساليّ العالمي (16-22 تشرين الأوّل 2017)، والقداس الإلهيّ لمناسبة اليوم العالمي للرّسالات الـ91 يوم الأحد 22 تشرين الأوّل 2017، كلٌّ في أبرشيّته ورعيّته ومدرسته وجامعته من خلال الصّلاة وجمع الصواني والتبرّعات.

 

كما وأدعو كلّ المتطوعين الذين قاموا برسالة خارج لبنان وكلّ الذين يهتمون بالرّسالة أن يشتركوا معنا باليوم العالمي للرّسالات نهار الأحد 22 تشرين الأول 2017 في الإكليريكيّة البطريركيّة المارونيّة غزير من التاسعة صباحًا وحتى الواحدة لكي نتبادل الخبرات ونحتفل بالذبيحة الإلهيّة مع صاحب السيادة المطران جورج بو جودة، رئيس اللجنة. لذلك أودّ أن أشكر المدرسة الإكليريكيّة بشخص رئيسها المونسنيور جورج أبي سعد، والخوري عبدو بو ضاهر على التّعاون في هذا المجال.

 

وهنا يسرّني أن أعلمَكم بأنّ الأعمال الرسوليّة البابويّة تُساعد كنائسنا الكاثوليكيّة سنويًا من خلال دعم الطلبات المرفوعة إلى مؤسّساتها في روما بما يُقارب الـ174،000 دولار أميريكي، عدا المساعدات التي تُرسلها إلى المَجْمع الشّرقي لمساعدة الكهنة الدارسين في روما وتأمين منح دراسيّة لهم بقيمة ما يوازي أيضاً الـ 150،000$ سنويًا.

 

كما يسرّنا أن نطلعَكم على اختبارنا الإرساليّ الثّاني لصيف 2017، والذّي كان في كالكوتا – الهند (من 23 تموز  إلى 6 آب) مع 15 شابٍ وصبيّة عند راهبات المحبّة. وبعرض تقرير (فيديو مصوّر) عن هذا النشاط".

 

واختتم المؤتمر بفيديو مصوّر عن النشاط الإرسالي في كالكوتا الهند.

 

 

المركز الكاثوليكي للإعلان.