الذكرى السابعة والأربعين لسيامة البابا الكهنوتيّة

متفرقات

الذكرى السابعة والأربعين لسيامة البابا الكهنوتيّة

 

 

 

 

 

 

 

"إن روح "الإكليروسيّة" هو شرّ حاضر اليوم أيضًا في الكنيسة وضحيّته هو الشعب الذي يشعر بأنّه مُهمّش ومُستَغَل" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الثلاثاء في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان في الذكرى السابعة والأربعين لسيامته الكهنوتيّة بحضور مجلس الكرادلة التسعة وحذّر الأب الأقدس الرّعاة من تحويل الديانة إلى مجرّد خلقيّة وحسب بعيدة عن الوحي الإلهيّ.

 

قال الحبر الأعظم إنّ الشعب المتواضع والفقير الذي يؤمن بالرّبّ هو ضحيّة الذين "يفلسفون الديانة" و"تغويهم الإكليروسيّة" والذين سيتقدّمهم العشارين والبغايا إلى ملكوت السماوات. استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقـًا من إنجيل القدّيس متّى (21/ 28 -32) والذي يتوجّه فيه يسوع إلى الأحبار وشيوخ الشعب ويوبِّخهم على عدم إيمانهم وقال لقد كانوا يملكون السّلطة القانونيّة والأخلاقيّة والدينيّة وكانوا يقرِّرون كلّ شيء.

 

على سبيل المثال، حننيا وقيافا قد حكما على يسوع، ورؤساء الكهنة قد قرّروا أيضًا أن يقتلوا لعازر، ويهوذا ذهب إليهم ليتباحث معهم وهكذا باع يسوع. لقد كانوا يتحلّون بموقع يسمح لهم بالتسلُّط والإستبداد تجاه الشعب لدرجة أنّهم استعملوا الشريعة لصالحهم.

 

 لقد غيّروا الشريعة مرّات عديدة إلى أن وصلوا إلى خمسمائة وصيّة، فكان كلّ شيء منسّق ومنظّم من خلال هذه الوصايا؛ وبالتالي كانت شريعة مبنيّة بشكل علمي لأن هؤلاء الأشخاص كانوا حكماء ويعرفون كلّ شيء لذلك كانوا يقومون بجميع هذه التباينات. لقد كانت شريعة بدون ذكرى لأنّهم كانوا قد نسوا الوصيّة الأولى التي أعطاها الله لإبراهيم: "سر أمامي وكن كاملاً" لا بل كانوا قد توقّفوا عن المسيرة ويراوحون مكانهم بقناعاتهم وبالطبع لم يكونوا كاملين.

 

 لقد نسوا أيضًا الوصايا العشرة التي أعطاهم موسى إيّاها واستغنوا عنها بالشريعة التي صنعوها: شريعة معقّدة تفلسف الأمور ومبنيّة على الأحكام والسوابق القضائية وبهذه الطريقة محوا الشريعة التي صنعها الرّبّ، وابتعدوا عن الذكرى التي تربط الحاضر بالوحي وبالتالي أصبح ضحيّتهم، على مثال يسوع، الشعب الفقير والمتواضع الذي يثق بالرّبّ، فهُّمشوه وظلموه. لقد كان الشّعب يتعرّض للإستغلال من قبل هؤلاء المتعجرفين والمتكبّرين وأحد ضحايا هذا الإقصاء هو يهوذا.

 

 لقد كان يهوذا خائنًا وكانت خطيئته كبيرة، ولكن الإنجيل يقول لنا أنّه ندم وذهب إليهم ليُعيد لهم مالهم وما كان موقفهم؟ هل قالوا له: "لا تقلق لقد كنت شريكنا في هذا الأمر ويمكننا أن نغفر لك؟" لا!! وإنما قالوا له: "ما لَنا ولِهذا الأَمر؟ أَنتَ وشأَنُكَ فيه!" فأَلقى الفِضَّةَ عِندَ المَقدِسِ وانصرَف، ثُمَّ ذَهَب فشَنَقَ نَفْسَه.

 

لقد تركوه وحده، لقد همّشوه! مسكين يهوذا، خان يسوع وعاد نادمًا ولكن الرعاة لم يقبلوه، لأنّهم كانوا قد نسوا ما معنى أن يكون المرء راعيًا. لقد كانوا يملكون السلطة وبالتالي فلسفوا الدين كما يحلو لهم وعلّموا الشعب تعليمهم الخاص وشريعتهم الخاصة ثمرة ذكائهم، لا ثمرة الوحي الإلهي.

 

 لقد كان هذا الشعب مُهمّشًا ومستغلاً من هؤلاء الأشخاص واليوم أيضًا تحصل هذه الأمور في الكنيسة. هناك روح "إكليروسيّة" مسيطر، ويشعر الإكليروس بأنّهم فوق الشعب وأفضل منه فيبتعدون عنه، ولا يكرّسون الوقت ليصغوا للفقراء والمتألّمين والمسجونين والمرضى.

 

إن شرّ "الإكليروسيّة" لأمر سيّئ جدًّا! لقد تغيّرت الحقبة ولكنّنا نجد النسخة عينها لهؤلاء الأشخاص، والضحيّة هي نفسها الشعب المتواضع والفقير الذي ينتظر الرّبّ. لقد سعى الآب دائمًا كي يقترب منّا، وبالتالي أرسل ابنه إلينا.

 

ونحن الآن ننتظره بفرح. لكن ابن الله لم يشارك هؤلاء الأشخاص مواقفهم وتصرّفاتهم لا! بل ذهب مع المرضى والفقراء والمهمّشين والعشارين والخطأة والزواني. واليوم أيضًا يقول لنا يسوع جميعًا ولجميع الذين "تغويهم الإكليروسيّة": "الحَقَّ أَقولُ لكم: إِنَّ العَشَّارينَ والبَغايا يَتَقَدَّمونَكم إِلى مَلَكوتِ الله".  

 

 

 

  

إذاعة الفاتيكان.