التَّواضُعُ وَالوَداعَةُ وَالصَّبر

متفرقات

التَّواضُعُ وَالوَداعَةُ وَالصَّبر

 

 

التَّواضُعُ وَالوَداعَةُ وَالصَّبر

 

 

 

التَّواضُعُ وَالوَداعَةُ وَالصَّبر: هذه هي النقاط الثلاثة التي أشار إليها البابا فرنسيس كأساسيّة لبناء وحدة الكنيسة في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الجمعة في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وحث المؤمنين على رفض الغيرة والحسد والخلافات.

 

"السلام معكم" استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من تحيّة الرب التي تخلق رابطًا، رابط سلام، وقال إنها تحيّة توحِّدنا لنصنع وحدة الروح، فعندما يغيب السلام وعندما لا نكون قادرين على تبادل التحيّة بين بعضنا البعض وعلى أن يكون قلبنا منفتحًا بروح سلام فلن يكون هناك وحدة أبدًا، وهكذا هو الأمر أيضًا بالنسبة للوحدة في العالم والمدينة والحي والعائلة.

 

 إن روح الشرّ يزرع الحروب على الدوام. إن الغيرة والحسد والخلافات والثرثرة... جميع هذه الأمور تدمّر السلام وتمنع الوحدة. ولكن ما هو التصرّف الذي يجب أن يتحلّى به المسيحي من اجل إيجاد هذه الوحدة؟ يقول لنا القديس بولس بوضوح: "أُناشِدُكُم، أَنا السَّجينَ في الرَّبّ، أَن تَسيروا سيرَةً تَليقُ بِالدَّعوَةِ الَّتي دُعيتُم إِلَيها، سيرَةً مِلؤُها التَّواضُعُ وَالوَداعَةُ وَالصَّبر":(أف4/ 1 -2) هذه هي المواقف الثلاثة. التواضع لا يمكن أن يحل السلام بدون التواضع، لأنه حيث الكبرياء تكون الحروب على الدوام والرغبة بالتغلُّب على الآخر واعتبار أنفسنا أفضل. بدون التواضع لا وجود للسلام وبدون السلام لا وجود للوحدة.

 

أضاف الأب الأقدس مشيرًا إلى أننا نسينا القدرة على التحدث مع بعضنا البعض بوداعة وبدون أن يرتفع صوتنا ونصرخ في وجه الآخر أو بدون أن نثرثر على الآخرين... لقد فُقد الصبر الذي يملك القدرة على تحمّل الآخر، كما يقول القديس بولس: "فَاحتَمِلوا بَعضُكُم بَعضًا بِمَحَبَّة، وَاجتَهِدوا في المُحافَظَةِ عَلى وَحدَةِ الرّوحِ بِرِباطِ السَّلام". وبالتالي ينبغي علينا أن نتحلّى بالصبر لتحمُّل نواقص الآخرين والأمور التي لا تعجبنا فيهم.

 

أولاً التواضع وثانيًا الصبر من خلال تحمُّل بعضِنا البعض وثالثًا الوداعة: أي قلب كبير يملك مكانًا للجميع بدون أن يحكم على أحد أو أن ينغلق على الأمور الصغيرة: هذا قال كذا... وذاك قال كذا...، لا! ينبغي علينا أن نوسٍّع قلوبنا ليكون فيها مكان للجميع، وهذا الأمر يبني رابط السلام، وهذا هو التصرُّف اللائق لبناء رابط السلام الذي يخلق الوحدة. إن الروح القدس هو الذي يخلق الوحدة ولكنّه يجهّزنا لنصنعها.

 

 هذه هي السيرة التي تليق بالدعوة إلى السرِّ الذي دُعينا إليه، سرُّ الكنيسة، ودعا البابا في هذه السياق المؤمنين إلى العودة إلى الفصل الثالث عشر من رسالة القديس بولس إلى أهل قورنتس والذي يعلِّمنا كيف نفسح المجال للروح القدس والمواقف التي يجب علينا أن نتحلّى بها لكي يصنع الوحدة.

 

إن سرّ الكنيسة هو سرّ جسد المسيح: إيمان واحد ومعموديّة واحدة، إله واحد للجميع وفوق الجميع، يعمل من خلال الجميع وحاضر في الجميع: هذه هي الوحدة التي طلبها يسوع من الآب لأجلنا والتي ينبغي علينا أن نساعد في صنعها من خلال رابط السلام الذي ينمو بالتَّواضُعُ وَالصَّبر أي محتملين بعضنا البعض، وَالوَداعَةُ. لنطلب من الروح القدس أن يمنحنا النعمة لا لنفهم وحسب وإنما لنعيش أيضًا سرّ الكنيسة الذي هو سرّ وحدة.  

 

 

إذاعة الفاتيكان.